• بروكسيل الأدبية جريدة إلكترونية شاملة مستقلة
    Website counter 

    بروكسيل الأدبية

     

    في رحاب السينما الفلسطينية

     

    فؤاد زويريق
    مقالات الكاتب السيننمائي

     

    ضع عنوان الرابط هنا

     

     

     

     

     

     

     
      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
    معرض  من نحن 
      اتصل بنا 

     

    في رحاب السينما الفلسطينية

     

    حوار مع المخرج الفلسطيني فايق جرادة بمناسبة فيلمه الجديد "ناجي العلي في حضن حنظلة".
    أجرى الحوار فؤاد زويريق
    خمسة وعشرون عاما مرت على موت رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، استشهد ناجي العلي وبقيت ريشته تخط آلام أمة مازالت تناضل من أجل أ...رضها، وحريتها، وكرامتها...''ابنه'' حنظلة ما زال يشهد على مواجع كثيرة شوهت ملامح هذه الأمة وأخفت ابتسامتها البريئة، مازال يشهد على أمة تتفصد ملامحها البثور والجروح، استشهد ناجي العلي وترك ابنه حنظلة وحيدا صغيرا تواطأ عليه الكل حتى يبقى قزما، ضئيلا في حجمه، تواطأ عليه الكل من أجل محو ذاكرته وبعثرة تاريخه..الكل يعرف من هو أبوه لكن لا احد يعرف من هي أمه، ترعرع حتى سن العاشرة في كنف أب مثقل بجراحه..ربما هو الوحيد في هذا الكون الذي خلق بدون أم، لم يشعر حنظلة قط بعطف الامومة... يقولون انه ولد من رحم القضية الفلسطينية لترضعه بعد ذلك القضية العربية ومازالت ترضعه إلى الآن رغم تجاوزه سن الفطام..حاولوا قتله كما قتلوا أباه، لكنهم لم يفلحوا فتركوه هائما على وجهه مشردا، هناك من التقى به في غزة وهناك من شاهده في رام الله، وهناك من رآه في سوريا، بل هناك من سمعه يخطب في ميدان التحرير، وهناك من يقسم بأنه جالسه في تعز... كل من التقاه هنالك أو هناك يجمع ويؤكد أنه مازال صغيرا في العاشرة من العمر، لم يكبر بعد رغم مرور أكثر من خمسة وعشرين عاما على ولادته.
    انتهى أخيرا المخرج الفلسطيني فايق جرادة من تصوير فيلمه "ناجي العلي في حضن حنظلة"، فيلم جديد آخر يتناول شخصية ناجي العلي، فيلم ربما سيكون مختلفا عن سابقيه لأنه ببساطة انتج في مرحلة جديدة تعتبر فاصلة في تاريخ الامة العربية.. سنتعرف من خلال هذا الحوار مع المخرج فايق جرادة عن سبب اقدامه على إخراج هذا الفيلم في هذا الوقت بالذات وسنحاول اكتشاف رؤيته حول ناجي العلي وشخصية حنظلة.

    - بداية، لماذا ناجي العلي؟
    ناجي العلي هو من الشخصيات الفلسطينية التي عبرت وما زالت من خلال رسوماتها عن القضية الفلسطينية بكل تفاصيلها ..وهو ما يزال يمس القضية الفلسطينية والقضايا العربية خاصة بعد ما يسمى بالربيع العربي ...على الصعيد السياسي والاجتماعي ...ناجي عايش الحالة الفلسطينية برمتها كفنان سياسي ( اللجوء الفلسطيني عام 48 والثورة الفلسطينية بصراعاتها وتطوراتها (حرب 67 و73 و82 وانتفاضة 87 )...ناجي العلي فنان يتمتع بجمالية واسعة على المستوى الفلسطيني والعربي وايضا الدولي ...لماذا ناجي العلي ..لأنه الغائب الحاضر دوما ..لأنه الصورة الأسهل لواقع أكثر تعقيدا ...لأنه فنان كان أخطر من البندقية ...ومن هنا انبثقت الفكرة من الصديق العزيز الدكتور الحبيب ناصري من المغرب الشقيق وهو باحث وناقد سينمائي. تبلورت الفكرة وأصبحت أكثر نضوجا عندما التقينا في مهرجان خريبكة الدولي للافلام الوثائقية... ومن هناك انطلقنا ...وبدأنا هنا في غزة بتنفيذ رؤياه هذه وبلورتها في عمل وثائقي قادر على ايصال الهدف المنشود من خلال سؤال يبدو بأنه سيظل حاضرا في ريشة فنان تحولت الى مرآة لملاين البشر ... كيف رسم ؟؟؟ وكيف قرأنا وما زلنا رسوماته في هذه الظروف الاستثنائية .
    -«ولد حنظلة في العاشرة من عمره وسيظل دائما في العاشرة من عمره، ففي تلك السن غادر فلسطين وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر>> يقول ناجي العلي عن حنظلة، في رأيكم كفلسطيني هل بدأ حنظلة في الكبر، هل عاد إلى وطنه فلسطين؟
    هذا ما قاله ناجي بالفعل ...ولكن ناجي لم يكبر بعد ..لأن القضية الفلسطينية ما زالت مستمرة ..وما زالت في حركة تحرر ...وما زال حنظلة صغيرا لكنه يعي المرحلة جيدا شاهدا على كل ما يحدث ...فقد ولد حنظلة فنيا في الكويت وقد تعمد خالقه (أي ناجي العلي ) أن يكون بهذا السن الصغير لأن ناجي عندما خرج من فلسطين كان بهذا السن ...وعندما يعود اللاجئ الفلسطيني الى وطنه ستبدأ دورة الحياة الطبيعية من جديد عند حنظلة ويبدأ حينئذ في الكبر...وحنظلة هنا ليس متحدثا باسم اللاجئ الفلسطيني فقط بل هو متحدث باسم كل فلسطيني وطني وكل المضطهدين على هذه الارض ... شاهد معي أي رسمة لناجي العلي فانك حتما ستشاهد حنظلة لتغوص أكثر في همومك ووجعك وحقائق تاريخك ...فقد أصبح حنظلة رغم صغر سنه هو الاسم الحركي لنا جميعا ..حنظلة هو حس الانسانية وروح الانسان أينما كان ... نشاهده لنبكي خجلا من أنفسنا ومن غربتنا ومن حالنا ...صحيح أن ناجي مات ولكن حنظلة لم يمت وسيبقى على مدى التاريخ عنوانا للفقراء والمضطهدين والمظلومين والمحرومين واللاجئين الفلسطينين ولن يكبر الا اذا عادت فلسطين .
    - أين حنظلة من الربيع العربي؟
    ناجي العلي كان يري فلسطين من خلال الأمة العربية ...وهذا واضح بالتأكيد من خلال رسوماته التي عبرت بصريح العبارة عن وقوفة بجانب الشعوب العربية ..لذلك كان يؤمن بالتحرك العربي (الشعوب) ويؤمن بحتمية هذه اللحظة التاريخية إذ كان يبشر وباستمرار بحتمية النصر لهذه الشعوب ضد الاستبداد والقهر والاضطهاد والتعصب..ولم ييأس اطلاقا من الانسان العربي وهذا واضح في رسوماته من خلال ايمانه بالبعد القومي والانساني في تكامل رائع ومتميز.
    لذلك نستطيع القول أن ناجي العلي كان من المبشرين بالربيع العربي ...فجميع رسوماته تصلح بأن تكون في أي زمان ومكان ... فناجي العلي لم يعكس طموح وحلم الفلسطينين بالتغيير فقط ...لكنه كان يمشي على ارضية حلم قومي اكبر...ففي عالم ناجي العلي ( حنظلة ) الأنظمة التي من ورق يمكن لها أن تتهاوى..وفي عالم ناجي الفقراء والمضطهدون والمظلومون والمنكوبون قادرون على صناعة انتصارهم من أجل حرية الرأي والعدالة.


    - "ناجي العلي في حضن حنظلة" هو اسم فيلمكم الجديد ألا يوحي بالكثير من الدلالات؟
    نعم ..يحمل دلالات من أهمها بان ناجي العلي وان كان قد مات فهو عمليا لم يمت لأن حنظلة موجود ...وسيبقي على مدى التاريخ موجودا كاسم حركي يعبر عن الجميع ومنها كذلك ان ناجي العلي فنان وله موقف . لذلك كان توجهنا من خلال العمل ليس من خلال طفولته وكيف عاش أو كيفية اغتياله. ولكن بوصلتنا الرئيسة في الفيلم كانت متوجهة إلى كيفية استرجاع جزء مهم من سلطة الفن داخل الصراع العربي الاسرائيلي ...لذلك كان العنوان (ناجي العلي في حضن حنظلة ) لنقدم نوعا من الوفاء والاحترام والتقدير لمن اعطى حياته ثمنا لمواقفه عبر لغة فن الكاركاتير ...وهو فيلم يمثل صرخة في وجه كل من يريد أن يجعل القضية الفلسطينية طاحونة هواء تدور في الفراغ ...فقد جاءت الفكرة وبالتالي اسم الفيلم ليعبر عن وعي وثقافة المجتمع العربي والاحساس والشعور بالقومية اتجاه كل ما يجري .
    - كيف كانت أجواء التصوير؟
    كما كل فيلم وثائقي هناك بعض الصعوبات كان أبرزها هو كيف يمكننا عمل لقاء مع الشاعر الكبير سميح القاسم هذا كان همنا الأول في البداية ( فهو يعتبر أحد المقربين من ناجي ) ..في ظل عدم قدرتنا على الوصول الى مكان تواجده. وفي ظل مرضه الشديد ..وهنا اسمحوا لي بان ندعو له جميعا بالشفاء العاجل ليكون بيننا شاعرا ورمزا كبيرا. لكننا نجحنا بعد 3 شهور من عمل اللقاء ..كما أننا حاولنا عمل لقاء اخر مع الشاعر الكبير الأبنودي. ولكن ومع الاسف لم نستطع بسبب حالته الصحية ..( تمنياتنا له بالشفاء العاجل ). اجمالا أعتقد أننا نجحنا في ايصال الرسالة من الفيلم خاصة وأن معظم من تحدثنا معهم هم من أولئك اللذين عايشوا ناجي العلي ...وبشكل عام أنجزنا عملا أتمنى أن يجد استحسانا كبيرا ...ولن أتحدث بأننا كنا ننتظر مجيئ الكهرباء ...!!!! حتى يتسنى لنا العمل بمهنية أكثر احترافية ... والحمد لله أنجزنا فيلما أتمنى أن يكون لائقا بمستوى فن وشخصية ناجي العلي .
    - هناك الكثير من الأفلام تناولت شخصية حنظلة ومؤلفها ناجي العلي، هل تعتقد أن فيلمكم الجديد سيحقق إضافة جديدة لهذه الشخصية؟
    معظم الأفلام التي شاهدناها من خلال عملية البحث تبين بأن معظمها تناول اغتياله وطفولته وحياته، بما فيها العمل الدرامي ''منة'' وهو فيلم ناجي العلي بطولة نور الشريف. أما عملنا هذا فقد حاولنا من خلاله أن نكون متميزين وذلك عبر النبش في رسوماته وتحليلها تحليلا فنيا ووطنيا وانسانيا وعربيا. لهذا أقول بأن فيلم ''ناجي العلي في حضن حنظلة'' هو عمل فريد من حيث الشكل والمضمون ومتميز من حيث الفكرة والتي صاغها الدكتور الحبيب ناصري.
    - على ذكر الدكتور الحبيب الناصري، يعتبر هذا العمل هو ثمرة تعاون فلسطيني مغربي حدثنا أكثر عن هذه التجربة؟
    أولا اسمح لي ان أقدم التحية والاحترام للدكتور الحبيب الناصري والدكتور بوشعيب والحاج مجتهد وكل الزملاء والاصدقاء في المغرب الشقيق. بالفعل هذه هي التجربة الثانية بيننا، أما التجربة الأولى فقد كانت من خلال فيلم مضيف الشهداء. أتمنى أن تتوسع أكثر صيغة التعاون بيننا لتشمل عملا دراميا مميزا، وأن نعمل أكثر في مثل هذه النوعية من المشاريع الفنية والإبداعية ونسجل أفلاما ذات صبغة فكرية وانسانية، وأن نتعاون أكثر في مجال التوثيق لرموز فلسطينية أمثال ادوارد سعيد، وغسان كنفاني، ومعين بسيسو، وفدوى طوقان، وابراهيم طوقان، وغيرهم من الرموز الفلسطينية والعربية أيضا. نعم، فمنذ ما يقرب من عام ونصف تولدت فكرة هذا العمل لتكون نواة فيلم وثائقي يجسد رسومات ناجي العلي عبر التفكيك والتحليل خاصة وأن العالم العربي يعيش اليوم ظروفا استثنائية. مرة اخرى أؤكد بأن الفضل يعود الى الدكتور الحبيب ناصري. حيث تحدثنا مطولا عبر اللقاءات والاميلات فتدارسنا من خلالها فكرته واحطنا بجوانبها لتكون النتيجة أخيرا هي اخراج فيلم ''ناجي العلي في حضن حنظلة'' برؤية موحدة.
    وأنا أقول وبصراحة بأنني فخور جدا بهذا التعاون وأتمنى أن يتسع أكثر لأنني مقتنع تماما بأن عمقنا العربي مهم جدا في تطوير وارتقاء الفيلم الوثائقي الفلسطيني .

    (أجرى الحوار فؤاد زويريق كاتب وناقد سينمائي مغربي مقيم بهولندا)

     

                                        فؤاد زويريق 29-06-2012 - هولاندا


    أعلى الصفحة

     
    sounnif@gmail.com
    Previous Tab                     للمشاركة إضغط هنا                      Next Tab
     
      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
    معرض  من نحن 
      اتصل بنا 

     لانا راتب المجالي

    بروكسيل الأدبية ترحب بكل إبداعاتكم

    bruxellesaladabiya@gmail.com

    Partager via Gmail

    تعليقك
  • بروكسيل الأدبية جريدة إلكترونية شاملة مستقلة
    Website counter 

     

    الخطاب النقدي عند محمد شويكة

     

     

    فؤاد زويريق
    مقالات الكاتب السينمائية

     

     

     

     

     

     


    الخطاب النقدي عند محمد شويكة

     
      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
    معرض  من نحن 
      اتصل بنا 

     

      

     الخطاب النقدي عند محمد شويكة


    محمد اشويكة من النقاد السينمائيين المغاربة القلائل الذين بلوروا خطابهم النقدي، واعطوه بعدا جماليا وفكريا في آن، كتاباته تحرك فيك قلق السؤال، وتدفعك لاعادة تشكيل قدراتك الاستيعابية وتقييم تواصلها المعرفي.
    كتابات محمد اشويكة السينمائية، تتشكل من رموز وعلامات متداخلة فيما بينها، لتعطي في الأخير بناء نقديا يهتم باستكشاف المادة الفيلمية والإحاطة بغموضها، كما يرصد ملامحها ويقيم خصوصيتها، لكن، بما أن المخرج هو الفاعل الأساسي في الفيلم المغربي، تجد كتابات اشويكة تنحو نفس المنحى في توجهها كذلك، حيث تجد أغلبها يرتكز على صاحب الفيلم، بما يمثله من خلفيات ومرجعيات قد تؤثر في الذائقة الفنية والفكرية لجمهوره، وبهذا تنبع كتابات اشويكة من قيمة العمل ومدى التزامه بفكر ورؤى صاحبه، إضافة إلى ما يحتاجه هذا العمل من متطلبات المتغير الفني والابداعي.
     ربما تؤثر كتابات اشويكة في المُشاهد أوالقارئ لكنها قد تُلهم صاحب العمل كذلك إذا عرف كيف يتفاعل معها، فالمخرج الكفء هو من يعتمد على الآخر لاستكشاف قيمة عمله، ألم يقل سارتر يوما أن معرفة الذات تستلزم وجود الآخر، خصوصا إذا كان هذا الآخر متمكنا من أدواته النقدية.
    ممارسته للفعل السينمائي عبر الانتاج وكتابة السيناريو ساعده على الاحتكاك المباشر بالواقع السينمائي المغربي، مما أكسبه القدرة على رصد عيوبه (الواقع السينمائي) وجعله أكثر فهما واستيعابا لعقلية الفاعل السينمائي فردا كان أو مؤسسة، فانعكست هذه التجربة في كتاباته النقدية فسكنت لغتها، واختزلت مدلولها.
    لمحمد اشويكة أربعة كتب سينمائية تنوعت تيمتها واختلفت أطروحاتها لتمنحنا في الأخير عناوين عريضة تلخص بذكاء ماهية السينما المغربية، وتبرز بفطنة تناقضاتها المعقدة.



    كتاب الصورة السينمائية.. التقنية والقراءة


    الخطاب النقدي عند محمد شويكة

     

    هو أول كتاب سينمائي لمحمد اشويكة  تناول فيه محاور مهمة حول الصورة وعلاقتها الممكنة مع السوسيولوجيا والفلسفة والتشكيل...كما فكك طلاسمها التقنية وعرَّف القارئ بجوانب قد يجهلها تروم التقاط ما يكفي من معلومات حول (التركيب، التأطير، اللقطة، الزوايا، حركات الكاميرا، المؤثرات الخاصة...وغيرها من التقنيات)، إن هذا الكتاب كما جاء على لسان صاحبه <<يستمد مشروعيته المعرفية من أهمية الصورة في حياتنا المعاصرة وتعدد أشكالها، إضافة إلى فضولنا المعرفي الذي يصبو إلى كشف خبايا تقنياتها ومحاولة قراءتها، خاصة ما تعلق بالصورة السينمائية التي تشكل الفيلم السينمائي...>> من هذا المنطلق أفاض الكاتب في شرح مضامين الصورة كصلة وصل بين المرسل والمرسل إليه وما بينهما من خطاب، هذا التواصل الذي يتيح الاقتراب من وحدة الصورة الأصلية ويجعلها مصدر إبداع ووسيلة تواصل فنية. [2]
    من بين المحاور المهمة في الكتاب (قراءة الفيلم السينمائي) وهو محور فصله الكاتب إلى عدة فقرات تتوزع كالتالي: سيميولوجيا الصورة، قراءة وتحليل الصورة، وأخيرا القراءة الفيلمية من خلال الاستمارة. كما لم يهمل الكتاب جانب الإخراج في العمل الفيلمي، حيث خصص له فصلا كاملا تطرق فيه إلى الاخراج السينمائي كفلسفة في التعامل وكعملية حاسمة في صنع الصورة، وكإدارة عملية في توجيه الأفراد وتوزيع الأدوار.
    يبقى هذا الكتاب مرجعا سينمائيا تربويا مهما جعل من الصورة أيقونة لامتناهية، وكرسها كفلسفة تواصلية فكرية، وأسس لها معابر تقنية تنهل من العلم حاجتها.


    كتاب أطروحات وتجارب حول السينما المغربية


    الخطاب النقدي عند محمد شويكة

     

    راهن محمد اشويكة في كتابه الثاني (أطروحات وتجارب حول السينما المغربية) على تكسير النمط التقييمي السائد لدى بعض النقاد وغرف مقارباته اعتمادا على علاقاته الشخصية مع بعض المخرجين الذين تناول أعمالهم بالنقد، وقد نجح بذكاء في تجنب شخصنة هذه الأعمال أو التمرغ في مجاملات فارغة قد تفرغ هذا التقييم من مضمونه، لينغمس بالتالي في حكم تقييمي موضوعي ونزيه أعطى لكتابته طعما آخر تتمازج فيه معايير الانتقاء بالتركيبة البنيوية لصاحب هذه المادة أو تلك، بمعنى أن معرفته المسبقة بهذا المخرج أو ذاك سهل عليه تفكيك المادة الفيلمية على أسس فكرية وبسيكولوجية واجتماعية ...لصاحبها، وهذا حسب رأيي إضافة نوعية يجب أخذها بعين الاعتبار.
    الكتاب عبارة عن فصلين، فصل اهتم بأطروحات طرحها الكاتب لتمتين الوعاء النظري كما جاء على لسانه، وفصل آخر ارتكز على تجارب فيلمية لمخرجين مغاربة تناولها بالتحليل والنقد. ما أثار اهتمامي في الكتاب نزوح الكاتب  في بعض الحالات الى تخصيص مادة كاملة عن بعض الأعمال القصيرة لمخرجين مغاربة، وهذا قلما نجده عند باقي النقاد الذين يهملون هذه التجارب ويعتبرونها مجرد تجارب هاوية أو بدايات لا تستدعي أي مجهود، مع العلم أن مثل هذه التجارب تمثل للمخرج انطلاقة مهمة تبني مستقبله وتثبته اما على أرضية قوية واما على أرضية هشة قد تودي بمستقبله الفني ككل، و هنا أتكلم على المخرجين الملتزمين فنيا وإبداعيا وليس الأشباه، فكل تجربة في نظري قصيرة كانت أو طويلة، هاوية أو محترفة... يجب وضعها فوق نار النقد وبدون شفقة.
    من بين الأسئلة التي أقيمت عليها أطروحات الكتاب (سؤال المؤلف في السينما المغربية، الطفل الغائب في السينما المغربية، السينما المغربية والأدب، البناء والهدم، ما الفيلم المغربي؟، البنية الايديولوجية في الفيلم المغربي، الصمت في الفيلم المغربي...) وكلها مقاربات استثمرت التحليل النظري بما يتناسب وسمات التفاعل بين المادة الفيلمية والنقدية.
    تجريب أم تجارب؟ يشكل هذا السؤال  محور الفصل الثاني من الكتاب، وهو سؤال يدفع الى التحقق من مدى جدوى التراكمات التي حققتها السينما المغربية في فترة من الفترات، من خلال استكشاف بعض التحولات السينمائية التي طبعتها، حيث نجد انسجاما كاملا بين المواضيع التي سنشير إليها لاحقا وإشكالية السؤال المطروح.
    من بين المواضيع التي تناولها الكاتب في هذا الجزء(مصطفى الدرقاوي سينما البناء والهدم، جارات أبي موسى من الحكي المنقبي إلى الحكي الفيلمي، صلاة الغائب إشكالات مؤجلة ، سارق الأحلام سؤال الكوميديا المغربية، العودة إلى الأصول في فيلم الرحلة الكبرى، البيضة والحلم أو المخيال السينمائي عند محمد مفتكر....)



    كتاب مجازات الصورة


    الخطاب النقدي عند محمد شويكة

     

    كثيرة هي الكتابات التي تناولت أعمال المخرج داوود اولاد السيد السينمائية، لكن الكتاب الذي خصصه الناقد محمد اشويكة بالكامل لتجربة هذا المخرج، أحاط بصفة شمولية ومتكاملة، بكل الجزئيات والتفاصيل المكونة لمساره السينمائي.
    (مجازات الصورة) هو اسم هذا الكتاب وهو اسم يكرس الحضور اللامتناهي للصورة عند اولاد السيد، باعتبارها المكون الرئيسي لأعماله  وتأكيدا لحضورها الإستتيقي والجمالي في إبداعاته، وقد حاول الكاتب في هذا السياق ربط مساري المخرج (الإخراج السينمائي-الفن الفوتوغرافي) ببعضهما لتبرير انفراد سينما اولاد السيد بهذه الجمالية والجاذبية.
    من خلال مقدمة الكتاب يمكننا استنباط الخطاب النقدي الذي اتبعه الناقد لتقييم تجربة داوود اولاد السيد حيث وضع لنفسه خطوطا عريضة كونت الملامح الأساسية للكتاب ونذكر منها (اهتمام الكاتب بالسينما المغربية كمرمى عام وشامل، تجربة المخرج  وإثارتها فرصا كبيرة ومتنوعة للتأمل والتأويل، تقاطع هذه التجربة مع مرجعيات سينمائية عالمية، تناولها تيمات تنحاز وتنتصر للقيم الإنسانية النبيلة التي تهتم بإماطة اللثام والدفاع عن الفئات التي تعيش على حافة الكون، إضافة الى اجتهادها في توظيف التقنيات السينمائية...) هذه بعض النقط التي وقف عليها الكاتب واستحضر من خلالها تجربة المخرج ابتداء من فيلمه القصير (الذاكرة المغرة) 1989 إلى فيلمه الروائي الطويل (الجامع)2010.



    كتاب السينما المغربية رهانات الحداثة ووعي الذات


    الخطاب النقدي عند محمد شويكة

     

    (السينما المغربية رهانات الحداثة ووعي الذات) هو الكتاب السينمائي الرابع للناقد محمد اشويكة وهو - كما جاء في مقدمته - امتداد لسلسلة من الدراسات الحفرية التي تعنى ببعض إشكالات وقضايا السينما بالمغرب، الغرض منه تسليط الضوء على هواجس وهموم الفاعلين فيه من مخرجين وممثلين ونقاد وتقنيين ومستهلكين...
    يتكون الكتاب من أربعة فصول كل فصل منها يهتم بتيمة معينة. إلا أنه  حسب رأيي يتميزعن باقي مؤلفات الكاتب الأخرى بإدراج موضوع جديد وجدي قلما تعاطى معه النقاد، وهو تشريح النقد المغربي وسبر أغواره وإظهار عيوبه، وقد أبان الكاتب في هذا المجال عن قدرته المتميزة في نقد النقد واستحضار لغاته المتباينة والمتنوعة، وتفكيك رموزها.
    أما باقي الفصول فرغم تيماتها المختلفة، فإنها تتقاطع فيما بينها حول ماهية السينما المغربية وبنيتها الجمالية، وقد شَكّلت تجارب بعض الأسماء السينمائية الذين استحضروا في هذا الكتاب، حقائق اعتمد عليها  الكاتب لتفعيل رؤيته، وبناء مقارباته.



    خاتمة
    يبقى قلق الوجود السينمائي، والوعي بجمالية الذات السينمائية، وتفعيل محتواها الفني حتى يتناسب والكم الفيلمي الذي أصبحت تعرفه السينما المغربية، هو الهاجس الرئيسي الذي يقلق محمد اشويكة ويدفعه إلى غواية النقد، ويجعله وسيطا بين العمل/المخرج السينمائي والمتلقي.
    لمحمد اشويكة أسلوب متميز في جرد تفاصيل العمل السينمائي ونشر خصاله وعيوبه في آن، بطريقة فنية متميزة من خلال (أنسنة النقد) ومراجعة الآخر (المخرج) مراجعة وافية انطلاقا من قراءات علنية تتيح للقارئ استكشاف خباياه الفكرية والثقافية...هي قراءات تطرح قضايا سينمائية جوهرية، تستلزم المتابعة والمعالجة، وهما مطلبان مشروعان إذا أردنا التفوق في هذا المجال، ولا تفوق بدون نقد، خصوصا إذا كان هذا النقد من أصحاب الدار.


    هامش:
    [1] علي شلش؛ تعريف النقد السينمائي: المكتبة الثقافية العدد 258 ص4
    [2] محمد اشويكة؛ الصورة السينمائية التقنية والقراءة: سعد الورزازي للنشر،ص19

                    بقلم: فؤاد زويريق 19-04-2012 – هولاندا

                                 (عن الفوانيس السينمائية)


     

    أعلى الصفحة

     
    sounnif@gmail.com
    Previous Tab                     للمشاركة إضغط هنا                      Next Tab
     
      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
    معرض  من نحن 
      اتصل بنا 

     لانا راتب المجالي

    بروكسيل الأدبية ترحب بكل إبداعاتكم

    bruxellesaladabiya@gmail.com

    Partager via Gmail

    1 تعليق
  • بروكسيل الأدبية جريدة إلكترونية شاملة مستقلة
    Website counter 

     

    كيف تصنع الرقابة السينما

     

     

    أنور المبروكي
    إبداعات الكاتب والمخرج السينمائي

     

     

     

     

     

     

     
      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
    معرض  من نحن 
      اتصل بنا 

     

     

    كيف تصنع الرقابة السينما

     

    كيف تصنع الرقابة في السينما؟

    تنتمي كلمة رقابة إلى معجم لغوي ممتد إلى معاني مختلفة تصب كلها في نوع من أنواع جغرافيات الحدود اللغوية أو لنقل الفعل داخل فضاء فكري مسيج بنوع من الأسلاك الخفية التي يمكن أن نسميها سلطة. هذا النوع من الأسيجة يولد داخل السينمائي ولادةً مبكرة تسبق أحياناً حتى الإيمان بالحرية . فالرقابة من رقب رقوباً ورقابةً أي جعل الشيء تحت الأنظار بالحراسة ، ومنها كلمة رقبة جمع رقبات أو رقاب، كالقول بأخذ الشيء من رقبته أو إيداع الشيء في رقبة فلان أو فلانة ،،، فالكلمة بكل معانيها العائلية وحتى متتاليات المعاني واحفادها تصب في أنبوب واحد ألا وهو سلطة الحرص على حراسة الأشياء.
    نشأ هذا المفهوم في السينما متخفياً منذ عقود طويلة كان المتفرج فيها ما يزال "طفلاً" منبهراً بشاشة عملاقة متحركة همه الوحيد معرفة ما يدور أمامة. بل يمكن أن يكون قد نشأ قبل ظهور السينما ذاتها تماماً مثل مفهوم الجمال والإبداع، ثم تطور شيئاً فشيئاً إلى أن ظهر للعيان عبر الفنان ذاته . فعوض أن نتحدث عن رقابة تسلط على الفنان اصبحنا نتحدث عن رقابة يسلطها الفنان على ذاته، وهي ما نسميها بالرقابة الذاتية .
    تنشأ هذه الأخيرة بفاعل الخوف من الحقيقة كآخر وكسلطة ، كما الخوف من متتاليات الحرية كجحيم قد يقصي الذات الرقيبة لذاتها أصلاً ، ثم تمتد شيئاً فشيئاً إلى أن تصبح قانوناً أو دستوراً عند الفنان السينمائي . هذه الرقابة الذاتية هي في الحقيقة شكل من أشكال السلطات القامعة التي يسلطها الفكر على ذاته براغماتياً بنية الإنتصار للذات المتقوقعة في الآخر (السلطة) كأن يلجأ الفنان السينمائي إلى تطويع الصورة أو المشهد خدمة لاديولوجيا يؤمن بها تحت ضغط السلطة في حين أن الحقيقة أو الواقع يكون دون ذلك فيصبح إذاً فنانا مكبلاً بالأوهام .
    إن الرقابة الذاتية في السينما شكل آخر من أشكال الإستبداد الذاتي للفكر الحالم بالحرية المبحوث عنها أزلياً وهي بالمعنى المتعالي لعنصريات ألوان اللغات و أجناس المعاني نوع من أنواع القمع المشرع للفكر على الفكر ذاته . فالسنماءات التي تزعم أنها حرة - في كل أنحاء الأرض - لم تلد بعد بل يمكن أن نجزم أنها لم توجد قط ، مثلها مثل أوهام الديمقراطية في الأنظمة السياسية و الإقتصادية والأخلاقية والدينية ...
    فالفنان السينمائي في الحقيقة لا يولد من عدم بل هو إبن تلك التضاريس المتشابكة المتنوعة القاطنة تحت إمرة نوع من أنواع الأخلاق سياسية كانت أو دينية أو إجتماعية ... هكذا إذن تكون الحرية في الفن السينمائي مجرد وهم يصنعه الفنان ذاته لذاته لأنه لم يستطيع بعد التخلص من غول تلك الرقابة الذاتية التي سلطها على نفسه.
    فالسنماءات الغربية -التي تزعم أنها - الاكثر تطوراً اليوم تدعي أنها قد تخلصت من هذا النوع من الرقابات، وهي تخطئ إن تمادت في تلك الأوهام ، إذ أن أي مشهد هو في الحقيقة مستنقع هائل من التأويلات قد يؤذي تلك الأنظمة الإجتماعية والدينية والأخلاقية... التي انشأته . في هذا النوع من المجتمعات تكون الرقابة غالباً بيد الفنان (وإن كان ينكر ذلك) كنوع من أنواع السلط الخفية للتمويه بتخلصها من صنم السلطة الأعظم المسمى بالسلطة السياسية فتصبح الحرية في الفن إذن أداة طيعة في يد مجتمع معين، فنتحدث إذاً عن مجتمع يصنع شكلاً من أشكال "الحريات الخاصة به" عوضاً عن حرية تصنع مجتمعاً من المجتمعات ، وهو ما يؤسس شيئاً فشيئاً إلى نشأة مفهوم الإقصاء للآخر بإسم نفس ذلك النموذج من الحريات الذي هو في حد ذاته إستبداد بالحرية للحريات المستبدة بالقمع فتصبح تلك السنماءات المتحكم فيها ذاتياً، براغماتياً من قبل السينمائيين ذاتهم مجرد أوهام بل لنقل أديولوجيات ولعل خير دليل على ذلك هو إنتشار السينما الخيالية المتمترسة في البطولة على رقاب الآخرين ( science fiction) أو أشكال الكوميديات الهزلية المنتشرة اليوم في أغلب القاعات السينمائية العالمية الباعثة على مزيد من النسيان كالتي نشأت في هوليوود إبان أزمة الثلاثينات الإقتصادية ، أضف إلى ذلك إبتعاد هذه السنماءات في مجملها عن المعنى الحقيقي الذي وجدت من أجله ، فالرقابة في سنماءات العالم المتقدم اليوم أكثر ذاتية وخطورةً من تلك الرقابات الكلاسيكية وهو لعمري أمر أبعد بكثير منه عن الفن كقيمة جمالية خاصةً، إذ أن الإستبطان إلى حد التيه في الخيال بإستعمال وسائل تقنية إعلامية متطورة في تلك السنماءات ينزع عنها شيئاً فشيئاً لذة الصورة الواقع في ذهن المتفرج الحالم دائماً بالمزيد .
    أما في العالم الثالث فالسينما دائماً منظور إليها على أنها نوع من أنواع الفنون التي مازالت تعاني من التخلف وهو في الحقيقة ليس تخلفاً ذو أسباب تقنية ... بل لأنها لا تعتمد نفس أخلاقيات تلك السنماءات "المتقدمة" العائمة في وهم التخلص من كل الرقابات التي صنعتها ، فالمسألة إذن مسألة مالية صرفة ، تقنية بحتة ، أدواتية بالخصوص ، فأزمة الرقابة الذاتية في السنماءات الغربية اليوم هي أكثر خطورة من رقابة الرقيب الخارجي في سنماءات العالم الثالث إذ الأولى تعاني وبطريقة غير مصرح بها من رقابة ذاتية يقودها صنم النرجسية في التعالي على الآخرين فهي لا تخول لذواتها بالسقوط ولذلك فهي تراقب ذواتها رقابة صارمة تذهب بالمتفرج إلى أقصى حدود التيه الأعمى بصراً وبصيرةً في الصورة فهي أكثر تشدداً من تلك السنماءات التي تعاني من رقابة الرقيب الخارج عن أمرتها في العالم الثالث. إن أزمة الرقابة في السينما اليوم هي أزمة "وعي بالذات التي تستوجب الوعي بالأخر" ، وهي كذلك أزمة أخلاق فنتحدث إذن عن أخلاق سياسية رقيبة و سياسات أخلاقية في رقاب السينمائيين و أخلاقيات فنية مراقِِبة لذواتها وفنون أخلاقية مراقَبَة ... وبين كل ذلك تبقى الصورة شكلاً من أشكال الحريات بين الحقيقة والوهم ، الأول صارم في الدفاع عن ذاتيته بمراقبتها تحت كبرياء الغرور والتعالي كي لا تسقط في خندق إستبداد الآخرين والثاني مقبوض عليه تحت سلطة سياسي رقيب .
    تبدأ مسألة الرقابة الذاتية باكراً قبل التفكير في إختيار الموضوع في السينما وتزداد خطورةً كلما ابتعدت موضوعات ذلك السيناريو عن المشكلة الحقيقية التي يجب طرحها . كما تبدأ مسألة رقابة السلطة ( سياسية أو إجتماعية أو دينية...) على السينمائي منذ لحظة خضوع ذلك الفنان إلى نمط معين من الحريات المؤطرة التي تفرضها نفس تلك السلطة . هكذا إذن يخيل للعديد أن السنماءات العربية أكثر تخلفاً من نظيراتها في المجتمعات الغربية وهو أمر غير صحيح البتة فكل سينما موغلة في science fiction هي في الحقيقة إمتداد في الوهم الحرياتي اللامتناهي الذي يقتل الإيمان بالحرية كقيمة حقيقية .
    إن الحرية الحقيقية في السينما -المتجاوزة لمفهوم الرقابة- لا تقتصر على جغرافيا معينة كما يخيل للبعض بل هي نتاجات واقع تجسده الكاميرا لا مجرد أوهام متخفية في الكوميديا والخيال العلمي ... قصد جر الجماهير إلى أحلام أو ميتافيزيقيات سينمائية جديدة ...

    إن مسألة الرقابة في السينما قد تصل إلى حد المعضلة التي تستدعي تدخل الفلسفة وإلا بقي مفهوم اللامتناهي في الرقابة السينمائية مجرد لا متناهياً في الحرية المزعومة مثله مثل الوهم القاطن إفتراضياً في الفكر.

                           

                   أنور المبروكي 02-04-2012 – (عن الفوانيس السينمائية)

     

    أعلى الصفحة

     
    sounnif@gmail.com
    Previous Tab                     للمشاركة إضغط هنا                      Next Tab
     
      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
    معرض  من نحن 
      اتصل بنا 

     لانا راتب المجالي

    بروكسيل الأدبية ترحب بكل إبداعاتكم

    bruxellesaladabiya@gmail.com

    Partager via Gmail

    تعليقك
  • بروكسيل الأدبية جريدة إلكترونية شاملة مستقلة
    Website counter 

     


    إصدار جديد للسينمائي فؤاد زويريق

     

     

    فؤاد زويريق
    مقالات الكاتب السينمائي

     

     

     

     

     

    قائمة المواضيع

      قصة قصيرة
       قصة ثصيرة جدا
         شعر 
         زجل 
     نزهات شاعرية  
        فلسفة و علوم
     
       مسرح 
      معرض 
      محاولات شابة
     من وحي الثرات
      سينما
     عالم الحكاية

     مواقف سياسية
     نقد أدبي 
     الصالون الأدبي
      من الأدب العالمي
     مقالات و دراسات إبداعية 
      

    الرئيسية1 

      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
    معرض  من نحن 
      اتصل بنا 

      

    وجوه من السينما المغربية


    إصدار جديد للسينمائي فؤاد زويريق


    عن منشورات الفوانيس السينمائية صدر للقاص والناقد السينمائي المغربي المقيم بهولندا فؤاد زويريق كتاب سينمائي جديد موسوم ب(وجوه من السينما المغربية: جزء خاص بالمخرجين). الكتاب عبارة عن بورتريهات خاصة بمخرجين مغاربة  تركوا بصمتهم واضحة فى تاريخ السينما المغربية.

    حاول الكاتب من خلال هذا العمل الخروج عن التقليد المتعارف عليه في كتابة البورتريهات من خلال الوقوف التقييمي على المسار السينمائي لهذه الاسماء وتقديم مقاربة نقدية لبعض اعمالهم الفنية، لم يقتصر الكاتب على جيل الرواد فحسب بل دمج أسماء شابة تحاول جاهدة شق طريقها بثبات نحو مستقبل إبداعي أفضل. جاء الكتاب في 103 صفحة من القطع المتوسط ، أما الغلاف فهو من تصميم الكاتب نفسه، كما تجدر الإشارة إلى أن هذا الكتاب يتضمن أربعة وعشرين اسما تنوعت أعمالها السينمائية بين الروائي والوثائقي.


     لتقريب القارئ أكثر من محتوى هذا الكتاب يقول الكاتب في مستهل كتابه (...في هذا الكتاب نعرف بمخرجين مغاربة طالما ترددت اسماؤهم بيننا لكننا للأسف لا نعرف عنهم الشيء الكثير، ولا يقلقنا ولا يحزننا إطلاقا ان ندرجهم في ''بورتريهات تقييمية'' لأعمالهم لكونهم جزءا لا يتجزأ من سينمانا الوطنية... فمن هؤلاء من ساهم في مرحلة التأسيس، ومنهم من أخذ على عاتقه استكمال الطريق رغم العقبات والعراقيل الموضوعة هنا وهناك. اخترنا مجموعة منهم لاندعي انهم الاحسن أو الأكفأ، لكن ما من شك انهم اعطوا للسينما المغربية الكثير، ولا تقاس كفاءتهم بالكم بقدرما تقاس بالكيف وهو الاهم بالنسبة لي وللمشاهد…)

     بتوقيع بروكسيل الأدبية  10-03-2012 – بروكسيل - بلجيكا
    (عن الفوانيس السينمائية)

     

    أعلى الصفحة

    sounnif@gmail.com
    Previous Tab                     للمشاركة إضغط هنا                      Next Tab
     
      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
    معرض  من نحن 
      اتصل بنا 

     لانا راتب المجالي

    بروكسيل الأدبية ترحب بكل إبداعاتكم

    bruxellesaladabiya@gmail.com

    Partager via Gmail

    1 تعليق
  • بروكسيل الأدبية جريدة إلكترونية شاملة مستقلة
    Website counter 

     

    مغاربة المهجر والسينما المغربية - أية علاقة؟

     

     

    فؤاد زويريق
    مقالات الكاتب السينمائي

     

     

     

     

     

    قائمة المواضيع

      قصة قصيرة
       قصة ثصيرة جدا
         شعر 
         زجل 
     نزهات شاعرية  
        فلسفة و علوم
     
       مسرح 
      معرض 
      محاولات شابة
     من وحي الثرات
      سينما
     عالم الحكاية

     مواقف سياسية
     نقد أدبي 
     الصالون الأدبي
      من الأدب العالمي
     مقالات و دراسات إبداعية 
      

     

      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
    معرض  من نحن 
      اتصل بنا 


      

    مغاربة المهجر والسينما المغربية - أية علاقة؟

     

    في خضم التجاذبات والتساؤلات التي تخلقها كل دورة جديدة من دورات المهرجان الوطني للفيلم بطنجة حول مسار السينما المغربية وإشكالاتها، وهو بالمناسبة جدال مشروع، وسؤال يفرض نفسه على كل مهتم ومسؤول يطمح إلى تحقيق مقاربة شاملة وجادة تهدف إلى النهوض بهذا القطاع الحيوي، تضيع إشكالات وحقائق أخرى كان لابد لكل غيور عن السينما الوطنية أن يشير إليها ولو من بعيد، لكن للأسف البعض يفضل الصمت والبعض الآخر يفضل الدوران داخل حلقة واحدة ووحيدة دون التقيد بقضايا أخرى، قد تكون بعيدة عنه كل البعد، أو ربما لن تخدمه في شيء، حسب رأيه وتفكيره الشخصي.

    لست هنا لأناقش مهرجان طنجة وخباياه لأنني ببساطة لم أحضره، و لست هنا لأتطرق لأفلام المهرجان لأنني لم أشاهدها، ولا توجد لدي أية وسيلة أخرى لمشاهدتها وهذا ما حز في نفسي ودفعني لكتابة هذه السطور.

    في المهرجان الوطني للفيلم تحلو النقاشات داخل الأروقة المغلقة والمفتوحة، في الأماكن العامة والخاصة، في الجرائد والمجلات الورقية منها والالكترونية...الكل يتجند طيلة العشرة أيام إما معارضة أو مناصرة للقضية السينمائية المغربية أو للمهرجان نفسه، لكن للأسف ونحن نتابع هذه الفعاليات بسلبياتها وإيجابيتها لم نسمع عن تخصيص ندوة أو يوم دراسي أو لحظة حتى، لمناقشة قدرة المهاجرين المغاربة على متابعة ما تحمل به هذه الفعاليات بكل ما هو جديد في الحقل السينمائي المغربي وكيفية احتضان هذه الفئة كجمهور إضافي يغني الفعل السينمائي بالمغرب.

    وهنا أتساءل، أو ليس من حق المغتربين مشاركة إخوانهم بالمغرب هذه النقاشات؟ أوليس من حقهم إبداء أرائهم حول أفلامهم الوطنية؟ أو ليس من حقهم التعرف على جديد سينماتهم؟ وغيرها من الأسئلة التي تدفعنا بحرقة للتوجه إلى القائمين على الشأن السينمائي بالمغرب علنا نجد ما يشفي غليلنا، لا أعرف بالضبط كيف ستحل هذه المسألة فهذا من اختصاص المؤسسات والهيئات المعنية، لكن ما أعرفه أن هذه المسألة لا بد وأن تناقش كما تناقش باقي المواضيع في كل دورة وتطرح على الطاولة حتى يستفيد الكل، لا ننسى أن هناك مبدعين ومهتمين سينمائيين مقيمين بالخارج لا تتوفر لهم الفرص الكافية لحضور المهرجانات بالمغرب، إما لضيق الوقت أو لضيق ذات اليد، فكيف السبيل إذا للإطلاع أو مشاهدة كل أفلام السنة في وقتها ؟ الكثيرون منهم يتوسمون خيرا في المسؤولين على القطاع للوصول إلى حل ما يجعلهم متابعين ومتواصلين مع كل ما هو جديد، وتبقى للأسف الشديد الوسيلة الوحيدة المتبعة في مثل هذه الحالات، إما النبش داخل الجرائد، مع العلم أنه ليست كل الجرائد تهتم بالسينما وخصوصا سينمائنا الوطنية، أو عن طريق الزملاء، وكلها طرق ناقصة الاستفادة والمفعول، أما الفضائيات المغربية فتصيبك بالاشمئزاز والتقزز أكثر مما تفيدك.

    لا أعرف بالضبط ما هو دور الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج إذا لم يكن دورها تأطير هذه الجالية وتوسيع جسر التواصل بينها وبين بلدها الأصلي، من خلال تحقيق معادلة اجتماعية وسياسية وثقافية تعود بالنفع على الكل، ولا أظن إطلاقا أن دورها يقتصر فقط على الجانب الاقتصادي دون غيره عبرالإستفادة من رؤوس أموالها (الجالية المغربية) ، بل يمكن الاستفادة منها بطرق شتى أكثر مسؤولية وأهمية تعود بالربح على الطرفين،  مثلا الاهتمام بالجانب الثقافي بمفهومه الجوهري والتفصيلي وهو اهتمام سيبعد اختزال الثقافة المغربية في «البلغة، أو كسكس، أو أتاي... » وسيفتح أعين الكثيرين وخصوصا من الجيل الثاني والثالث على الكنز الحقيقي الذي يتوفر عليه هذا البلد.

     سؤال آخر، لم لا تقوم هذه الوزارة بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج والمركز السينمائي ووزارة الاتصال وهي الوزارة الوصية على القطاع السينمائي مع بعض الجمعيات والمؤسسات الثقافية بالخارج بخلق هيئة خاصة تعنى بإيصال وتمكين مغاربة الخارج من كل الأفلام المنتجة محليا، وعقد أنشطة وندوات سينمائية تروم التواصل مع الفاعلين والمخرجين السينمائيين المغاربة، وخصوصا  بالبلدان الأكثر احتضانا للجالية كفرنسا وبلجيكا وهولندا واسبانيا وغيرها من البلدان الغربية والعربية.

      نسمع بعدة اتفاقيات تعقد هنا وهناك لكنها للأسف إما أنها لا تفعل على أرض الواقع، وإما أن هناك قصور ما من جهة ما... على كل نتمنى أن تصل الرسالة إلى الجميع ونحن في انتظار إشارة ايجابية تخرجنا من هذا الحصار الثقافي، للأسف حتى القناة التلفزية الوحيدة التي خلقت لمغاربة الخارج (قناة المغربية) تشعرك بعزلة أشد وبازدراء من كل ما هو مغربي، لا جديد..لا جديد على الإطلاق، كأنك تعيش أواسط ستينات القرن الماضي أو في أحسن الأحوال سبعينياته.

    لا أخفي سرا أنني حاولت شخصيا قبل سنتين الاعتماد على مجهودي الفردي لأبقى على تواصل بكل ما هو جديد في عالم السينما المغربية، وقررت أن احضر كل فيلم مغربي سيعرض في الصالات المغربية، ولو كلفني ذلك الكثير، خاصة الأفلام التي تحظى بآراء النقاد والرأي العام، وقد حضرت فعلا بعضا منها لكن للأسف توقفت، أولا لضيق الوقت وثانيا لاقتناعي التام بعدم جدوى هذه الطريقة خاصة أنها تكتسح وقتك وجيبك وفي الأخير لا تخرج بنتيجة. حضور مهرجانات سينمائية كمهرجان طنجة، للوقوف العملي والمباشر على كل ما يعرض، تبقى الوسيلة الوحيدة لكن ليس الكل باستطاعته الحضور.

    هناك بعض المهرجانات التي تقام في بعض دول المهجر والمهتمة بالفيلم المغربي، كمهرجان الفيلم المغربي بروتردام وهو مهرجان مهم، لكنه يعقد مرة كل سنتين وهو سبب كاف يدفعك إلى عدم الاعتماد كليا على مثل هذه فعاليات، كما أن طاقته محدودة في عرض كل الأفلام المنتجة خلال سنتين -أكثر من عشرين فيلما في السنة حسب المركز السينمائي (تصريحات 2011 )- وهذا دليل إضافي على قصوره النسبي بالإضافة إلى مشاكل أخرى كنا قد تطرقنا إليها في مقال سابق.

    نتمنى أن يتدارك المسؤولون هذا التقصير ويولوا جانبا من اهتمامهم لهذا الموضوع خصوصا مع الحراك التي تعرفه السينما المغربية، وتوسعها الذي بدأ يفرض نفسه بقوة، فمغاربة الخارج وخاصة المهتمين منهم بحاجة إلى التفاتة تقوي حضورهم الثقافي والسينمائي وتمكنهم من الحصول على كل الفرص المتاحة لزملائهم بالداخل حتى يكونوا بدورهم في الموعد متابعة وتأثيرا.

     

    فؤاد زويريق 19-02-2012 - هولاندا

    كاتب وناقد سينمائي مغربي مقيم بهولندا

     

    أعلى الصفحة 

    sounnif@gmail.com
    Previous Tab                     للمشاركة إضغط هنا                      Next Tab
     
      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
    معرض  من نحن 
      اتصل بنا 

     لانا راتب المجالي

    بروكسيل الأدبية ترحب بكل إبداعاتكم

    bruxellesaladabiya@gmail.com

    Partager via Gmail

    تعليقك
  • بروكسيل الأدبية جريدة إلكترونية شاملة مستقلة
    Website counter 

     

    ضرورة إشراك الجمهور في الحركة النقدية السينمائية

     

     

    فؤاد زويريق
    مقالات الكاتب السينمائي

     

     

     

     

     

    قائمة المواضيع

      قصة قصيرة
       قصة ثصيرة جدا
         شعر 
         زجل 
     نزهات شاعرية  
        فلسفة و علوم
     
       مسرح 
      معرض 
      محاولات شابة
     من وحي الثرات
      سينما
     عالم الحكاية

     مواقف سياسية
     نقد أدبي 
     الصالون الأدبي
      من الأدب العالمي
     مقالات و دراسات إبداعية 
      

     

      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
    معرض  من نحن 
      اتصل بنا

    ضرورة إشراك الجمهور في الحركة النقدية السينمائية

    ليس من الغريب أو من العيب تصنيف الأفلام المغربية وترتيبها علنا وبطريقة علمية حسب جودتها وقيمتها الإبداعية،  فهذا لن ينقص إطلاقا من قيمة السينما المغربية كقطاع حيوي قطع أشواطا عدة لتحقيق الذات، ولن ينقص بالتأكيد من مجهودات بعض الأشخاص الذين يصطفون بصدق ومسؤولية خلف هذا القطاع من اجل النهوض به وإيصاله إلى بر الأمان ، بل بالعكس هي خطوة لابد منها لخلق قلق يثيرنا ويوقظنا من وقت لآخر، حتى نتمكن من تقييم الذات ومنافسة الآخر، وللاستفادة من هذه العملية  لابد أن نضع لها أهدافا بواسطتها نستطيع الوصول إلى الحقيقة اللازمة والمؤكدة، حتى يسهل علينا تحديد المشاكل التي يتخبط فيها قطاعنا السينمائي. لهذه العملية كذلك حسنات وفوائد من بينها استكشاف الإطار التكويني والمعرفي الذي يسبح بداخله صاحب هذا العمل أو ذاك، فصاحب العمل لابد أن يُقيَّم ويُحاسب أولا وأخيرا من طرف جمهوره مادام عمله هذا موجها إليهم لا لغيرهم... والنتيجة المأمولة من هذه العملية هي إزاحة الستار عن رواسب وطفيليات لا تخدم سينمانا الوطنية بقدرما تخدم نفسها فحسب، وإظهارها عارية على الملأ كاشفة عن نفسها ونيتها الخبيثة، و سيسهل إذ ذاك عزلها بسهولة والاستفراد بها وبالتالي اقتلاعها وتهميشها حتى تتمكن القاطرة من متابعة المسير دون الالتفات إلى الوراء، هي إذن عملية بسيطة قد تساعدنا على تحديد الداء وعلاجه حتى لا نصطدم بواقع معتوه ومشوه، يسعى بكل السبل إلى خلق نماذج منه، تهدد الإبداع الحقيقي  وتصيبه في مقتل وتخلق كائنات مريضة تشبهها تعمل على اختراع مسوغات لسيطرتها المستمرة على امتيازات لا يستفاد منها بالطريقة الصحيحة.
    هي عملية بسيطة لكنها مضمونة النتائج ستميز الغث من السمين، ولنا في تجارب عدة سواء في الغرب أو الشرق دروس وعبر، فالتصنيف المستمر والإحصائيات الشفافة تعمل على كشف الأعمال الرديئة والجيدة وبالتالي تقوم بطريقة غير مباشرة بتثبيت أسماء في القمة وتهميش أخرى كل حسب عمله واجتهاداته، وإذا ما رجعنا ونقبنا خلف الأسماء المتربعة على عرش هذه السينما أو تلك نجدها تستحق مرتبتها تلك، لكونها هي التي صنعت الجمهور والجمهور هو الذي صنعها دون أن تفرض عليه، وبالتالي ساهمت وتساهم بحب وغيرة وصمت في صنع سينما بلادها دون انتظار المقابل، وإذا ما بحثنا عن سر نجاحها وحب الجمهور لها نجد خلفياتها محمية بالتكوين الصحيح والسليم، فالتكوين الثقافي والفني والاجتماعي ... يساعد بدون شك على بلورة أعمال مخولة للاحتفاء.
    نحن أيضا لدينا ثقافتنا السائدة في هذا المجال، إلا أن الوضع معكوس شيئا ما فعوض  أن نرفع من شأن أسماء أعطت ومازالت تعطي الكثير لهذا الميدان في بلدنا  نقوم بقمعها وإخفائها.
     للأسف لا نستطيع إنكار الهجوم التي تتعرض له سينمانا الوطنية من طرف بعض المتطفلين الذين ساهموا بطريقة أو بأخرى على تأخير مسيرتها لسنوات لكونهم التحقوا بها دون دراية كافية أو تكوين يؤهلهم لصقل أسمائهم داخل السجل السينمائي بماء من ذهب أو حتى من فضة، بل الأدهى من ذلك أن هناك أسماء جُلبوا من عوالم أخرى لا تمت للإبداع بصلة وأقحموا فيه إقحاما ومنحت لهم فرص لم تمنح لآخرين  ووفر لهم الإعلام منابره حتى ينشروا ويعلنوا ويمرروا فيه تفاهتهم على حساب أسماء أخرى ذات قيمة تستحق الاحتفاء والتقدير والاهتمام لكنهم أجبروا مكرهين أو طائعين على الاشتغال بعيدا عن الأضواء وبالتالي إحرام الجمهور منهم.
    نتمنى أن تقوم المؤسسات الوصية والنقاد والمهتمون السينمائيون بدورهم في محاصرة هذه الأسماء واستئصالها حتى نعطي الفرصة لمن يستحق الظهور والانتشار، وهذا كله في سبيل النهوض بهذا القطاع ومنافسة الآخرين كما وكيفا ، فمساهمة الجمهور في الحركة النقدية سيرخي بظلاله على البنية التنموية للسينما الوطنية، ويحميها من تفكيك نسيجها الإبداعي ويدفع بها إلى الأمام. نرجو بكل صدق أن تستثمر هذه التجربة حتى نلتزم بضرورة معرفة ذواتنا حق معرفة قبل أن يتعرف عليها الآخر ويصاب بالخيبة والصدمة.

                                        زويريق فؤاد 25ٌ -01-2012 - هولاندا

    '' الفوانيس السينمائية'

     

    أعلى الصفحة

               
    sounnif@gmail.com
    Previous Tab                     للمشاركة إضغط هنا                      Next Tab
     
      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
    معرض  من نحن 
      اتصل بنا 

     لانا راتب المجالي

    بروكسيل الأدبية ترحب بكل إبداعاتكم

    bruxellesaladabiya@gmail.com

     

       
    Partager via Gmail

    تعليقك
  • بروكسيل الأدبية جريدة إلكترونية شاملة مستقلة
    Website counter 

     

    سينما تونس اليوم: بين أيديولوجيا السياسة ومنطق الثورة

     

     

    د.أنور المبروكي
    مقالات الكاتب السينمائي

     

     

     

     

     

    قائمة المواضيع

      قصة قصيرة
       قصة ثصيرة جدا
         شعر 
         زجل 
     نزهات شاعرية  
        فلسفة و علوم
     
       مسرح 
      معرض 
      محاولات شابة
     من وحي الثرات
      سينما
     عالم الحكاية

     مواقف سياسية
     نقد أدبي 
     الصالون الأدبي
      من الأدب العالمي
     مقالات و دراسات إبداعية 
      

     

      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
    معرض  من نحن 
      اتصل بنا 


    سينما تونس اليوم: بين أيديولوجيا السياسة ومنطق الثورة  


     يقودنا التفكير في سلطة السينما في تونس اليوم حتماً إلى التفكير في ذالك المكبوت السوسيولوجي الذي حتمت عليه سلطة السياسي القبول غصباً بهيكل إستيطيقي ثقفوتي معسكر ضد كل أنواع الفن الجميل ، فكانت السينما التونسية طيلة 23 سنة أو ما يزيد، قميصاً اديولوجياً يجهل فيه الخياط صاحب المخاط بل يشيئه ويهمشه بالقوة أو بالرضاء .

    فتنشأ أفلام لا يدري المتفرج الغاية من إنتاجها وهي تحمل في رفوفها سيناريوهات تنويم مغناطيسي تكون فيه الضحية الأولى تلك العين المجردة فتنشأ صورة قلقة تبعث حتماً على التساؤل حول كمية هذا المال الوطني المهدور لشراء أنواع فلمية وذمم فانية فنياً قد تتبرأ الاستيطيقا منها تبرؤ الذئب من دم يوسف .
    إن اغتيال أنوثة الأنوثة في السينما التونسية ومنطق الصورة بل وصورة المنطق فيها، كان شاهداً على هذا الانفلات المشهدي الذي بات عارياً اليوم بعد نزع الغطاء السياسي الساسوي عليه ، أننا نقدر حتماً بالصورة كما بالفكر مجهودات العديد من السينمائيين التونسيين الذين برعوا في صناعة فن خداع السلطة السياسية سوى بالتقرب الحميم الماكر أو بإنتهاج مناهج أخرى ، لكن لا نستطيع جزماً تبرئة مجموعة هامة منهم من هذا الورم الأديولوجي السياسي ، فصاحب المقولة يقول " إذا رأيت عالماً يخرج من قصر سلطان فأعلم أن علمه مغشوش" ونحن نقول " إذا رأيت مخرجاً سينمائياً يخرج من قصر قرطاج فأعلم أن سينماءه مغشوشة ".
    إن نشأة السينما فوبيا المعاصرة اليوم وعلى الطريقة التونسية نتاج سينمائي قد تزيد من قتامة الصورة سواداً ، بل وقد تعطيها أكثر تهميشاً من هذا التقنين السياسي السلطوي التسلطي الذي خنقها طيلة عقود صورة وجمهوراً .
    إن تبذير وصرف ميزانيات طائلة على أفلام من نوع "خشخاش" و-"الدواحة " لهو جرم مادي وفني تجاه هذا الشعب العظيم المغتال بالحياة والصمت طيلة أكثر من عقدين ، بل إن نشأة حلم كشف ألاعيب سينما السياسة قتل فيه منطق مطاردة سياسة السينما ، كيف لا والشعب التونسي قضى عقوداً من التهميش داخل منظومة مشهدية أديولوجية بدأت بانتشار جهاز الهوائي (البارابول) المقنن في بداية الحكم النوفمبري كتنويم مغناطيسي وانتهت بتحديد قانون "الفوضى السينمائية " التي مازالت وفية لمنطق التأنيث بالتناسي كما بالنسيان.
    يقول الفيلسوف "ما أجمل أن نستيقظ يوماً على اخطائنا " ونعلن صراحةً سراحاً بعدم سماع الدعوى ضد هذا الكائن المشهدي المغتال بين أديولوجيا الفن وأركيولوجيا السياسة . إن نشأة مفهوم السينما السياسية اليوم في تونس يكشف بضراوة سياسة سينما مريضة يصبح فيها السجين سجاناً، بل إن العصا الغليظة التي ضربت الفيلم الوثائقي التونسي (مثلاً) منذ سنين لهي نفسها التي تحاول اليوم التحكم في المشهد
    السينمائي مفترشة بذالك منطق "الإبداع "وحرية الفكر والغاية في ذالك أصلاً مادية صرفة وهي تأتي دائماً من الطرف الممول الذي غالباً ما يكون خارجياً يخضع فيه السيناريو إلى جراحة كلية منبتة موغلة في الغربنة وعائدة بالتهميش .
    لا نغالي حقاً عندما نقول إن عائدات السينما التونسية زمن الخوف الماضي كانت الممول الأساسي لبرنامج جهل وتجهيل التونسين لهذا النوع من الفنون ، فأصبح الحديث عن السينما التونسية بعد الثورة في غالبيته حديث عن عصا غليظة استعملها النظام النوفمبري للزيادة في مدخرات الكبت الاجتماعي والذي تحول اليوم إلى شكل من أشكال النقمة تجاه ثلة من السينمائيين الذين يكتبون سيناريوهاتهم وفقاً لميزانيات معينة لا لقضايا مطروحة بل يصبح الحديث عن الانفلات في الصورة انفلاتاً في المفهوم لتتخبأ غالبيتها وراء تلك الحنون المسماة ب "الحرية" وذالك اليتيم الملقب ب-"الإبداع" وهو ما يذكرنا حتماً ب-"العناية الموصولة" وخليلها "الخير العميم" ذالك المنطق التعيس الذي لازم شاشاتنا طيلة 23 سنة من الضياع .
    لابد اليوم من تأسيس بنية تحتية سينمائية قوية تكون فيها الكلمة للفن لا للسياسة ، بل لابد من إعادة النظر في المفاهيم الأديولوجية السلطوية المتسلطة التي ساهمت مساهمة الفقر في إندلاع الثورة التونسية . إن الحتمية التاريخية أوجبت منطق الفن للفن جميل لكن للحقيقة أحسن منه حيث أن المطالبة بفصل الدين عن الدولة لابد أن تحمل في طياتها أيضاً مطالبة بالفصل بين السينما والسياسة وإن كان الأمر صعباً نظراً لعبودية التموين التي مازلت تتحكم فيها الدولة كسلطة وسياسة.
    إذاً لا بد أن تستغل قيمة الحرية والإبداع باتجاهيه اليساري واليمني لتفرج فيه القبضة الحديدية عن الضحية الأولى وهي الحقيقة وأملنا في ذالك أن لا يعود المتفرج التونسي إلى فن المطاردة من جديد بين منطق الثأر وأديولوجيا التشفي باتجاههما اليميني واليساري بعد بناء الدولة التونسية الجديدة . اننا نريد سينما فن لا سينما سياسة ، سينما تقود السياسة ل ايقودها الساسة، نريد سينما تمشي على الأرض لا سينما افتراضية ، نريد سينما مراقبة لا سينما رقيب .
    إن كل فشل ما، هو في الحقيقة انتصار خفي ، ففشل عدة أفلام تونسية في كسب جماهيرها يعد في حد ذاته انتصارا لإعادة النظر في بنيتها الشكلية وفي مضامينها إذ أن حرية الصورة لا بد أن تمر حتماً بحرية التخلص من سلطة هذا المستبد السياسي وإن كان ما يزال إلى الآن يحدد مفهوم الحريات وفق إرادته فيسمي كل من يحظى برضائه إبداعاً مقصياً في الحين ذاته مفهوم الحقيقة.
    لقد كان أول فيلم تونسي سنة 1966 فيلماً تاريخياً بالمعنى الفني والثوري للكلمة ولا بد أن يكون أول تيار سينمائي تونسي بعد الثورة تاريخياً كذالك ، بالمعنى الإستطيقي للحقيقة.

                              د أنور المبروكي  20-01-2012 -  ستراسبورغ - فرنسا

    ''الفوانيس السينمائية'

     

    أعلى الصفحة

        21 visiteurS 
       
    sounnif@gmail.com
    Previous Tab                     للمشاركة إضغط هنا                      Next Tab
     
      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
    معرض  من نحن 
      اتصل بنا 

     لانا راتب المجالي

    بروكسيل الأدبية ترحب بكل إبداعاتكم

    bruxellesaladabiya@gmail.com

     

    1 visiteur actuellement sur le site

    http://data0.eklablog.com/aladabiya/mod_article36546682_2.jpg http://data0.eklablog.com/aladabiya/mod_article36546682_3.jpg http://data0.eklablog.com/aladabiya/mod_article36546682_4.jpg http://data0.eklablog.com/aladabiya/mod_article36546682_5.jpg http://data0.eklablog.com/aladabiya/mod_article36546682_6.jpg

    Partager via Gmail

    تعليقك
  • بروكسيل الأدبية جريدة إلكترونية شاملة مستقلة
    Website counter 

     

    أبو القاسم الشابي ... شاعر الحرية


     

     

    فؤاد زويريق
    مقالات الكاتب

     

     

     

     

     

    قائمة المواضيع

      قصة قصيرة
       قصة ثصيرة جدا
         شعر 
         زجل 
     نزهات شاعرية  
        فلسفة و علوم
     
       مسرح 
      معرض 
      محاولات شابة
     من وحي الثرات
      سينما
     عالم الحكاية

     مواقف سياسية
     نقد أدبي 
     الصالون الأدبي
      من الأدب العالمي
     مقالات و دراسات إبداعية 
      

     

      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
    معرض  من نحن 
      اتصل بنا 

    إرادة الألم عند أبو القاسم الشابي في الفيلم الوثائقي
    (أبو القاسم الشابي… شاعر الحب والحرية) للمخرجة التونسية هاجر بن نصر
    .

     

       إذا الشعب يوما أراد الحياة                فلا بد أن يستجيب القدر
           ولا بد لليل أن ينجلي                ولابد للقيد أن ينكسر


    صرخة رددها أحرار العالم وكلمات علقت في أذهان المؤمنين بقدرة الإنسان. صرخة أطلقها الشابي في الثلث الأول من القرن العشرين، وبها خلد في أذهان الناس واحتل مكانة في قلوب عشاق الحرية.
    بهذه المقدمة الرائعة ابتدأ الفيلم الوثائقي (أبو القاسم الشابي… شاعر الحب والحرية)، وقد نزيد عليها نحن ونقول، هي صرخة أصابت، ومازالت تصيب قلب الإنسان الحر، وتذكره بحريته وكرامته وإنسانيته...صرخة كتبت التاريخ بعيدا عن الألم، بل قد يكون ألمها هو وحيها وإلهامها... دعوة صريحة للكتابة بالذاكرة... لوحة سوريالية  تستحضر أسطورة الشعوب الحرة الأبية.
    استطاعت المخرجة التونسية هاجر بن نصر في هذا الفيلم، أن تبعث الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي من جديد، وتلتقط عبر عدستها أهم مراحل حياته صوتا وصورة. فيلم غاص في تجربة متكاملة من التوثيق التاريخي لشخصية عربية، مازال تأثيرها قائما إلى حد الآن، تجربة تقف على مستوى التحديات الإبداعية الملازمة للصورة بشقيها: الترفيهي والثقافي.أبو القاسم الشابي ... شاعر الحرية
    صور متلاحقة وأحداث سلسة وشهادات متميزة...تدفع بالمتلقي للخروج من ذاته وتقمص شخصية أبي القاسم الشابي بأحاسيسها وآلامها...لقد نجح الفيلم في مسايرة إيقاع الزمن الحاضر وإشباعه بعبق الماضي، ليعزف لنا أهازيج شعرية خالدة وألحانا متمردة على نزيف الألم.
    من خلال فيلمها هذا، أبانت المخرجة، على بعد نظرها في معالجة المأساة وإعطائها القدرة على التحول من وجه سلبي مؤلم إلى وجه آخر أكثر إضاءة، على اعتبار أنها ظاهرة حميدة لا يبلى بها إلا العباقرة فقط، وقد ركزت المشاهد المتواترة في الفيلم على هذه "التيمة" بالضبط باعتبارها عقدته الرئيسية. هي  إذا رؤية أريد بها تحفيز الآخر على عدم رفض مآسيه وآلامه، بل استغلالها من خلال ترشيدها  وتدويرها من جديد، حتى تقوى على التمرد وتكشف عن قيمها التفاعلية، بل قد تكون سببا في نجاحه وشهرته.
    إن احتفاء هاجر بن نصر بألم الشابي والتركيز المطلق عليه، لم يدفعها إلى إهمال الجوانب الفنية في الفيلم، بل أبانت المخرجة عن وعيها الإبداعي بتحقيق التوازن بين رغبتها في إشباع ذات المتلقي الراغبة في الانفتاح على عوالم الشابي ونبش جزئياتها، وبين إخضاع المكان للتشريح السينمائي باعتباره عالما من هذه  العوالم، وقد شاهدنا كيف تم تسليط الضوء عليه -أي المكان- بقوة، كجزء مهم من الشخصية سعياً وراء اقتناص اللحظة بأحاسيسها ومشاعرها وانفعالاتها المتضاربة، وهكذا نجد أن كل الأحداث المفجعة قد استأثرت بالزوايا التصويرية الضيقة للمكان، واعتمدت على الكاميرا الثابتة لنقل الصورة مع استخدام اللقطات القريبة والمتوسطة لإظهار حجم الكارثة التي ألمت بالشخصية، وذلك بالتركيز على ملامحها أولا، ثم على المحيط الضيق التي تتواجد فيه ثانيا، ولزيادة جرعة من التوصيف العام لهذه الأحداث، تم اختيار الضوء الخافت مع التلاعب بالظلال على المواقع الأكثر تأثيرا على ذهن المتلقي، بدون الخروج عن الإطار المذكور سابقا،  وهكذا عايشنا بصدق حجم الفاجعة التي ألمت بالشابي فور سماعه خبر موت أبيه، الذي يكن له حبا واحتراما كبيرين، كما أحسسنا بألم مرضه، وتعاطفنا مع محنته أثناء محاربته من طرف الكتاب وبعض النخب التونسية آنذاك، كل هذه الأحداث اعتمدت فيها  المخرجة على نفس التقنية الفنية تقريبا، مشاهد صورت من نفس الزاوية وبنفس الإضاءة والديكور و"الاكسيسوارات ..." والهدف من ذلك هو دفعنا لاستحضار وقراءة آلام أبي القاسم الشابي على أنها واحدة لا تتجزأ رغم اختلاف مسبباتها.
    تحركت الشخصية الرئيسية في الشريط، داخل إطار معين لم تحد عنه مطلقا، يؤثثه ديكور يختلف باختلاف الظروف التي تمر بها، و يعكس هذا الديكور الاحتفاء بالصور الحية للمشاعر والأحاسيس المشحونة داخل هذه الشخصية، ونعطي مثالا على ذلك من خلال المشاهد التالية ( مشهد داخلي-غرفة الشابي-، مشهد داخلي- غرفة المستشفى-، مشهد خارجي -التقاؤه بالمرأة الايطالية-، مشهد داخلي- الخزانة-...)  وقد رافق هذا الاحتفاء هيمنة الخطاب الثقافي وإعطاؤه بعدا رئيسيا ساعد على حفظ توازن العناصر داخل مشاهد الفيلم، كما استخدمت المخرجة تقنيات الفيلم الروائي حتى تعطي للصورة بناء دلاليا وبعدا تعبيريا، قد يساعد على فهم المستعصي، من الجوانب الخفية للبطل، الشيء الذي ابرز بوضوح تماسك المتن السردي داخل سيناريو الفيلم، ورصد ذلك التمازج العميق  بين الصور الشعرية والصور السينمائية على طول الأحداث.
    لا ريب، أن استيعاب التخييل والواقع معا من طرف المتلقي، يستوجب منح البناء الدرامي للأحداث قوة تَعبُر بالمُشاهد من الحاضر إلى الماضي، وتحصره بالتالي داخل النسق والتوجه المراد الوصول إليه من طرف المخرج كنتيجة طبيعية لرؤيته الفكرية قبل الفنية، وهذا ما تشبثت به المخرجة هاجر بن نصر عندما شخصت بنجاح سلوك الشابي وميوله من خلال التصوير الدرامي التخيلي بلمسات واقعية عبرت عن شخصيته الحقيقية،  وهكذا رصدنا كيف تم المزج بين التمثيل والتوثيق سواء عبر عرض وثائق وصور تاريخية،  أو الاعتماد على شهادات حية لكتاب ومفكرين وأكاديميين معاصرين لهم وضعهم وقيمتهم داخل الوسط الفكري والإبداعي العربي، وهنا نذكر كل من (محمد صلاح بن عمور، ابو الزين أسعدي، سميح القاسم، أبو القاسم محمد كرو، عبد المعطي حجازي، محمود حيدر، محمد المي، جميلة ميجري، نور الدين صمود) وهم كما نرى ثلة من خيرة النخب المثقفة وهذه نقطة إضافية تحسب للفيلم.
    إلى جانب المأساة، اهتم الفيلم كذلك بالجمال والحب عند الشابي حيث تطرق إلى الطبيعة والمرأة في شعره، وأسقطهما بإتقان على حياته الشخصية، ليرسم لنا صورة عن هذا الجانب، بعيدا عن الألم والمعاناة. وكان من الطبيعي نقل هذه الصورة السينمائية بأسلوب فني يعكس هذا التصور، فكانت المشاهد المرافقة لهذه اللحظات تستخدم الأضواء والخلفيات الدالة عن الهدوء والاسترخاء والفرح، وهي عناصر هامة تخدم الفيلم، وأهميتها تتجلى في إخراج المُشاهد من أجواء وإدخاله إلى أخرى مخالفة تماما، حتى يتماهى مع الشخصية بأفراحها وأتراحها، ويتعرف على كل جوانبها الإنسانية من ناحية، ويحارب الملل الذي قد ينجم عن التركيز على الآلام والمآسي من ناحية أخرى.
     
    وبالمناسبة نشير إلى أن الفيلم قد فاز  بالجائزة الكبرى، وبجائزة النقد للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة في دورته الثانية.

     

      04-01-2012 - هولاندا 

     

     

    أعلى الصفحة

     
    sounnif@gmail.com
    Previous Tab                     للمشاركة إضغط هنا                      Next Tab
     
      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
    معرض  من نحن 
      اتصل بنا 

     لانا راتب المجالي

    بروكسيل الأدبية ترحب بكل إبداعاتكم

    bruxellesaladabiya@gmail.com

     

    Partager via Gmail

    تعليقك
  • بروكسيل الأدبية جريدة إلكترونية شاملة مستقلة
      المواقع الإلكترونية وسلطة الإعلام  
      الصحفي فؤاد زويرق
     
     

     

         لا شك أن المواقع الأدبية والثقافية الإلكترونية تلعب  دورا مهما في التعريف بالحركة الثقافية داخل الوطن العربي، وذلك من خلال ممارستها لسلطة إعلامية حديثة تؤهلها للتحكم بشكل مطلق في عملية النشر، بدون تدخل من سلطة أجنبية أو رقابة خارجية بحكم  تكوينها وعملها، هذا الأخير الذي يستند بالأساس إلى مواد أصبحت في متناول الجميع، من شبكة عنكبوتية وحاسوب لا غير. وقد لاحظنا في السنوات القليلة الماضية انتشار هذه المواقع انتشارا  واسعاً، مما خلق شيئا من الفوضى والعشوائية في التبليغ الثقافي بشكل سليم يخدم الثقافة الجادة الملتزمة، وهكذا أصبحنا نجد موادا دخيلة وضعيفة من حيث اللغة والمضمون معا  قد تضر بالمتلقي أكثر مما تنفعه، كما نجد أن هذه المواقع يستنسخ  بعضها بعضا ليصبح كل موقع منها يكرر ويستهلك نفس مواد الآخر، وهذا ما يدفعنا إلى الإقرار بأن هذا القطاع مازال يفتقر إلى النظام والاحترافية ووجوب تنظيمه، حتى يؤدي دوره بشكل أكثر إيجابية خدمة للثقافة وقطبيها.

          لكن على العموم هناك بعض المواقع الجادة التي نظمت نفسها باحترافية عالية عبر آليات عملية، وهذه في الغالب يكون من ورائها إما مؤسسات ثقافية متمرسة أو أفراد ينتمون إلى المجال الثقافي والإبداعي انتماء مفروضا، إذ نجدهم أسماء معروفة وأعلاما وازنة في مجال تخصصهم. وهنا لابد من الإشارة إلى أن هذه المواقع رغم العيوب التي مازالت تتخللها أصبحت تلعب دورا أساسيا على الساحة الثقافية،  بل هي في تطور وتحسن مستمرين أصبحت بفضلهما عنصرا مكملا للنشر الورقي وليس بديلا عنه كما يدعي البعض لان المطبوعات الأدبية والثقافية...مازالت متداولة ومازالت تؤدي دورها التقليدي بحيوية رغم المنافسة الالكترونية ومازال الكتاب والقراء يتهافتون عليها، إما للنشر أو الإطلاع لما تتميز به من مصداقية وقيمة المواد المنشورة فيها.

          ولا يفوتني أن أؤكد بأن  النشر الالكتروني يتميز بعدة خصائص أوكدها التوثيق الرقمي للمواد المنشورة، بحيث يمكن أن نخزن كل المواد بشكل لا نهائي، كما يتيسر الوصول إليها بسهولة مطلقة عبر خاصية البحث التي تتيح للمتصفح الحصول على المادة في الحين وبدون جهد يذكر، كما لا ننسى خاصية التفاعل المباشر مع القراء، هذا دون أن نغفل إمكانية الإطلاع على المواد المنشورة من طرف أعداد لا تحصى من القراء في نفس اللحظة وعلى امتداد الكرة الأرضية...

     

    10-11-2011 هولاندا

                        

      أعلى الصفحة  

     
    السينمائي فؤاد زويريق 
    مدير شبكة الفوانيس الثقافية 
     مقالات الكاتب

    المواقع الإلكترونية وسلطة الإعلام 





      
    عنوان المراسلة
     sounnif@gmail.com
      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
    معرض  من نحن 
      اتصل بنا 


     لانا راتب المجالي

     بروكسيلالأدبية

     


     

    Partager via Gmail

    تعليقك
  • بروكسيل الأدبية جريدة إلكترونية شاملة مستقلة
      "أسطورة الريف.. عبد الكريم الخطابي" فيلم وثائقي يستحضر المقاومة الريفية
     
      "أسطورة الريف.. عبد الكريم الخطابي"
     
     

    "أسطورة الريف.. عبد الكريم الخطابي"

    أصبح الفيلم الوثائقي يشكل جانبا من إشكالية الإنتاج السينمائي العربي، ويقترب من أولوياته المطروحة على موائد النقاش، وهكذا أصبحنا نرى ونلمس تحركات واسعة للنهوض بهذا القطاع وإعطائه حقه بعدما كان مهمشا ومغيبا بشكل تام في السنوات القليلة الماضية.
    الفيلم الوثائقي في الوطن العربي بدأ يعرف انتعاشا ملحوظا لأسباب عدة نذكر منها الانفتاح على ثقافة الصورة الوثائقية من طرف شركات إنتاج عربية ضخمة، وعيا منها بالتغيرات الجذرية التي تشهدها المجتمعات العربية بفعل العولمة، ونذكر هنا على سبيل المثال مجموعة MBC من خلال شركتها O3 التي أنتجت مجموعة من الأفلام لمحطتي العربية و MBC

    تلتها بعد ذلك محطة الجزيرة التي أسست قناة وثائقية ثقافية، أنتجت بدورها العديد من الأفلام التسجيلية، كما أن التطورات التكنولوجية التي أرخت بظلالها على المواطن العربي وتوجهاته الثقافية، أدت بهذه المحطات العربية إلى مسايرة الركب والبحث عن موطئ قدم لها داخل البيت العربي، بعدما كان إلى وقت قريب محتكرا من طرف محطات أجنبية، وهكذا ظهرت أفلام وثائقية عربية خالصة تخاطب المشاهد العربي بلغته وتحقق له ما يصبو إليه من حمولة ثقافية تمس هويته بالدرجة الأولى، أفلام عرفت حسب المتتبعين مستوى عاليا من الإحاطة والجودة.
    المضمون الإنساني، والواقعي، والتثقيفي للأفلام الوثائقية، بالإضافة إلى الفرجة السينمائية جعلها تستقطب عددا كبيرا من المشاهدين، والدليل على ذلك نجاح قناة الجزيرة الوثائقية في خلق نوع جديد من الاهتمام الثقافي داخل الوطن العربي، من خلال إنتاج ودعم أفلام وبرامج وثائقية في مستوى تطلعات الجمهور، هذا الاهتمام الذي لاقى استحسانا وسندا قويين من طرف نسبة كبيرة من الأسر العربية، احتجاجا أو انتقاما من بعض المحطات العربية حتى لا نقول من الأغلبية، التي ترى فيها أسلوبا تافها لنشر ثقافة الابتذال والاستهلاك الرخيص.
    أفلام وثائقية عديدة أنتجت من طرف قناة الجزيرة، كانت محط اهتمام وتقدير من طرف النقاد والجمهور على حد سواء، إذ بلورة لديهم حس التمتع بالصورة الهادفة الواقعية البعيدة عن التخيل الزائف، هذه الصورة التي تستقر داخل الذاكرة البصرية للمتلقي بحقائقها المتنوعة سواء أكانت تاريخية، أو علمية، أو ثقافية أو... ومن بين هذه الأفلام فيلم ¨أسطورة الريف.. عبد الكريم الخطابي¨ لمخرجه محمد بلحاج، الذي مس العمق التاريخي للمجتمع العربي بصفة عامة، والمغربي بصفة خاصة.
    قدم الفيلم شخصية مغربية قومية طالما نادت أصوات عدة داخل المغرب بالاحتفاء بها وتوثيقها سينمائيا، حتى يتمكن الجيل الجديد من التعرف عليها كشخصية تاريخية هامة، ساهمت وبشكل مباشر في إثراء جانب من الذاكرة العربية. عبد الكريم الخطابي، أسطورة ريفية، قاومت الاستعمار الاسباني شمال المغرب وخاطبته بلغته وحاربته بسلاحه، لقد تناول الفيلم سيرته النضالية  بتفصيل، ومسيرته الكفاحية بإطناب، وخلق نوعا من الفرجة الثقافية الغنية بالمعلومات والمقابلات المهمة مع مؤرخين مغاربة وإسبان ومصريين، أفاضوا في الحديث عن آثاره التاريخية، وعن دوره في إيقاد شرارة المقاومة في الريف كما نقل الفيلم شهادات حية على لسان بعض أفراد عائلته وآخرين عايشوا مسيرته النضالية 

    حسنا فعلت الجزيرة بإنتاجها هذا الشريط، فعبد الكريم الخطابي يعتبر بطلا ورمزا له احترامه التاريخي داخل العالم العربي، والغرب يعرف هذا ويعي به جيدا خصوصا اسبانيا وفرنسا، وكان من الممكن أن تستفرد واحدة منهما بإنتاج شريط مماثل لنفس الشخصية، مع التزييف الكامل لحقائقها التاريخية، والتشويه المتعمد لسيرتها النضالية وفق تصوراتها وفلسفتها الإيديولوجية، فإنتاج هذا الشريط من طرف جهة عربية حافظ وسيحافظ بكل تأكيد على هذه الثروة وسيمنحها حقها الكامل في الانتشار، دون تلاعب أو تزييف لقيمتها الوطنية والقومية، ومن هنا نستشف عوامل القلق الذي ساد فئات متعددة اهتمت بالمشروع داخل المغرب وخارجه، ونادت في وقت سابق بإخراجه إلى الوجود وإعطائه حقه، دون أن تلقى نداءاتها آذانا صاغية.
    يمكن أن نقول إن عدسة الفيلم تحركت بشكل احترافي وسجلت أحداثه بصدق الواقع دون

    تجاوزه، هي عين مزجت بين الماضي والحاضر، منحت المشاهد الخطوط العريضة دون التغلغل في تفاصيلها المملة، مبتعدة بذلك عن الحشو الارتجالي غير المبرر، كما وقفنا عند متابعتنا لأحداث الشريط على بناء وتشكيل جمالي متناسق يركز على خلفيات رمزية تتمازج فيها المعلومة بالصورة، منحتنا الإقناع وشكلت لنا عبر ومضات بالغة الدقة، ملامح مسيرة طويلة من النضال الإنساني، والكفاح المسلح، هي إذا مستويات سيميولوجية  متعددة  اعتمد عليها المخرج لتحليل الشخصية بأبعادها وتجربتها، ولشد المشاهد بكل انفعالاته وأحاسيسه إليها ، وقد نجح بلا شك في ذلك، إلا أن النقص الذي يعاني منه أرشيف الصور الخاص بهذه الشخصية، أثر بشكل أو بآخر على بعض الجوانب المحورية في الفيلم رغم ملامستنا للمجهود الذي بذله محمد بلحاج للتغطية على هذا الجانب من خلال استخدامه لصور إيحائية ملازمة للنص.
    وتجدر الإشارة إلى أن مخرج الفيلم هو مخرج مغربي سبق له الاشتغال بالقناة الثانية المغربية، لينتقل بعدها إلى قناة أبوظبي، يعمل حاليا كرئيس قسم الإنتاج بقناة الجزيرة الوثائقية، أخرج وأنتج العديد من الأفلام التسجيلية، بالإضافة إلى أفلامه الثلاث التي تناولت شخصيات عربية (المخرج السوري مصطفى العقاد، والقائد الفلسطيني أحمد الشقيري، والمناضل المغربي عبدالكريم الخطابي) له أفلام أخرى اختلفت مواضيعها بين ما هو إنساني، واجتماعي، وسياسي، كشريط السفر داخل حياة الليل ، وجريمة ضد الإنسانية، والحلم القاتل، وصورة الإسلام في الغرب، وعرب 48 داخل إسرائيل، وسكان المقابر في مصر، وغيرها من الأفلام التي أغنت الخزانة الوثائقية العربية.
    بقي أن نقول إننا نثمن هذه المبادرة ومثيلاتها، التي تحاول بصدق طرح رؤية واقعية لشخصيات كرست نفسها لخدمة قضايا تهمنا نحن العرب، بدل نهج سياسة الإقصاء وطمس التاريخ تحت مسميات عدة، كما أن الاهتمام بالفيلم الوثائقي سيخدم عين وذاكرة المشاهد العربي، بدل الاحتفاء بثقافة التغريب الممنهجة، التي تحاول تعتيم أجزاء مضيئة من ثقافتنا الأصيلة وتاريخنا الغني بثرواته وموارده الإنسانية.

     /  10-12- 2011

      أعلى الصفحة  

     
    بقلم زويريق فؤاد 
    كاتب مغربي مقيم بهولندا
     
      
      
     
      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
     من نحن 
      اتصل بنا 

     لانا راتب المجالي
    عنوان المراسلة
     sounnif@gmail.com

     

     

    Partager via Gmail

    تعليقك
  •       

       خلق الفيلم الفرنسي “نبي” لمخرجه جاك أوديار مؤخرا جدلا واسعا بين النقاد والمهتمين السينمائيين العرب، إذ تباينت آراؤهم حوله بين مؤيد لطرحه لأنه يعكس الواقع الفرنسي ، وبين معارض لرؤيته لأنها تنبني على توجه عنصري مناهض للإسلام من جهة، ولأنها تشكك في الاندماج العربي داخل المجتمعات الغربة من جهة ثانية، ولقد آثرنا عند تحضيرنا لهذه الورقة الابتعاد عن هذا الجدل، وعدم مناقشة الأسئلة الحائمة حوله، مغيبين استحضار خلفية الفيلم الإيديولوجية، بل حاولنا بهدوء فتح نافذة ولو بشكل ضيق على التزاماته الفنية، والجمالية، والتقنية، التي اجتمعت كل الآراء حولها.
         فيلم “نبي” من الأفلام التي تترك بصمتها داخل مخيلة المشاهد فور خروجه من القاعة، وتتركه يتخبط داخل مستنقع من الأسئلة الجدلية بينه وبين ذاته، ولكونه خلق هذا الجدل فهو فيلم ناجح بدون شك، فيلم بعيد عن تلك الأفلام التي لا ترسم انطباعا معينا عند جمهورها ، والتي قد يكون مصيرها الاندثار والتبخر بمجرد ظهور "جنريك" النهاية، والنجاح الذي أعنيه هنا هو نجاح فني قائم على المعالجة الفنية والمرئية للحدث بغض النظر عن طبيعته والهدف من ورائه، معالجة نجاح الفيلم في استخدامها بامتياز لكونها شوشت على فكرنا كجمهور، وتركته مشدودا، ومبهورا بالصورة وطريقة تركيبها ومواكبتها لسياق الأحداث، تلك التي دارت داخل حيز مكاني محدود وضيق -السجن- استخدم بذكاء ليمنحنا الإحساس بالشبع، وبالاكتفاء، وبعدم اللجوء إلى المخيلة لاستباق النتائج أو التكهن بها، إذ دفعنا المخرج إلى التعامل مع كل مشهد على حده كأنه شريط مستقل بذاته، له نهايته الخاصة به، وفور انتهائه يقفز مشهد آخر له بداية أخرى، ونهاية مغايرة، وأظن أن المهمات المختلفة والمتعددة التي وكلت إلى بطل الفيلم مالك (طاهر رحيم) ، سواء داخل السجن أو خارجه هي التي أرغمت المخرج على اتباع هذه الطريقة في المعالجة.
         شخصيات فيلم “نبي” يغلب عليها الصمت في أغلب الأحوال، ورغم هذا الصمت يبقى الجسد والعيون هما اللغتان المسيطرتان، لغتان تعبران عن الجو المشحون بالتآمر والخبث السائد داخل السجن، إلا أن الفيلم لم يخل بطبيعة الحال من الحركة والعنف في بعض المشاهد، حركات تتفكك بتفكك مشاعر الشخصية الرئيسية، تارة هادئة مليئة بالحب والعطف، خاصة مع صديقه رياض (عادل بن شريف) وزوجته وابنه، وتارة شخصية مرتبكة، وخائفة أمام زعيم العصابة الكورسيكية سيزار لوشياني (نيلز ارستروب) ، وتارة أخرى تعكس جانبا آخر من الشخصية، بعيدا كل البعد عن مالك الشاب الهادئ، ليتحول في لحظة معينة إلى شاب كله عنف وانتقام وصراخ، وقد ظهر لنا ذلك جليا في بعض المشاهد العنيفة، كمشهد قتله للسجين الشاذ جنسيا، ومشهد إجهازه على حراس زعيم العصابة الذي كلف بقتله.
         أحداث الفيلم تُجمل في أن السجين مالك وهو عربي الأصل، لا يعرف الكتابة والقراءة ويبلغ من السن 19 عاما، فور دخوله السجن الفرنسي يصبح رهينة عصابة كورسيكية استغلت ضعفه، وسنه، وعدم تجربته لأغراضها الإجرامية، لتكون أول مهمة توكل إليه من طرفهم هي قتل عربي آخر شاذ جنسيا، ترقى مالك عند زعيم العصابة سيزار حتى أصبح أقرب الناس إليه وأوثقهم لديه، بسبب النجاح الذي حققه في مهماته المتتالية، لكن  بسرعة وذكاء، خلق مالك لنفسه شبكة سرية خدمت مصالحه الشخصية سواء عبر استغلالها للانتقام من زعيم الكورسيكيين داخل السجن وتجريده من سلطته، أو من خلال الانتفاع المادي والحصول على الحماية.
         عالم فيلم "نبي"عالم ينقسم إلى وجهين، وجه يغلب عليه الطابع الإنساني بما يحمله من عطف وحب، وعالم يطبعه الإجرام والوحشية، والشيء الوحيد المشترك بين هذين العالمين، هو شخصية مالك التي تتنقل بحرية تامة داخل هذين العالمين بدون حدود وعراقيل، هذه الشخصية التي اضطرت إلى العيش داخل سرداب موحش ومظلم،  لتصبح في الأخير غريبة عن روحها وكيانها، وبدون انتماء يذكر  إلى واقعها الحقيقي، شخصية تدفعها الظروف المتشعبة للرقص على الحبل كوسيلة للخلاص، تارة يغلب عليها الشر، وتارة أخرى تسلبها الطيبة رغبة منها في الإحساس بإنسانيتها وآدميتها المستلبة.
         ارتبطت شخصية مالك بالعنصر الدرامي والإنساني من بداية الشريط إلى نهايته، هي إذا وظيفة أُريد من خلالها أن يستقل لاوعي المشاهد بهذه الشخصية ، لتصبح مسيطرة بشكل تام على مشاعره وأحاسيسه، وبالتالي يستجيب لها بتلقائية وبتعاطف غير محدود، رغم سلوكاتها وتصرفاتها الوحشية والإجرامية في بعض الأحيان، شخصية مالك على ما يبدو من خلال سياق الأحداث (شخصية خام)، أعيد تدويرها وتشكيلها عبر ثلاث محطات رئيسية: محطة كتابية، ومحطة إخراجية، انتقلت عبرهما الشخصية بسلاسة لتستقر في نهاية المطاف بالمحطة الأخيرة أي ذهن المتلقي، ليُشكلها حسب رغبته دون أن تفرض عليه فرضا، كما أن عدم استقرارها وكذا خلوها من ذاكرة أو نوستالجيا، نَعبُر من خلالها إلى ماضيها وبالتالي نَكتشف بعده الإنساني وعمقه التربوي، لعبت دورا هاما في ابتعادنا عن تحليل مكوناتها الشخصية والفردية، واقترابنا بشكل مباشر من تحليل فلسفتها الوجودية وعلاقتها بالمجتمع والآخر.
         لم يكن اختيار التركيب العام للشخصيتين الرئيسيتين محض الصدفة على ما يبدو، فالثنائية المتضادة لهما أريد بها إيصال رسالة ما، رسالة تتجلى أهميتها في بعدها السوسيولوجي. فمالك وسيزار، هما العربي والكورسيكي، هما الشاب اليافع والشيخ الهرم، هما الاضطهاد والسلطة، هما عدم التجربة والخبرة، هما الخوف والأمان، هما الفقر والغنى...كلها تضادات رافقت الشخصيتين معا، ثنائيات بنت ونسجت مشاهد ألقت بظلالها على مواضع الألم الإنساني، والتفكك الأسري والعزلة  الاجتماعية داخل مجتمع قاس، مجتمع يمكن أن يكون فرنسيا أو مغربيا أو هنديا أو أمريكيا أو...
         اعتمد المخرج في تصويره للفيلم على اللقطات القريبة جدا ( Very Close Up) لإظهار ملامح الشخوص وتعابيرهم بقوة، وهذا خدم بطبيعة الحال الفيلم وأدى وظيفة أساسية لاعتبارات عدة أهمها الصمت المرافق للقطات، صمت يترك الملامح تعبر أكثر عن حالة ما أو موقف معين، خصوصا بالنسبة للشخصيتين الرئيسيتين مالك وسيزار . كما أن المخرج لم يهمل اللقطات العامة ( Long shot ) في تصويره، خصوصا في باحة السجن، لكي يبرز بوضوح تحركات السجناء، وعلاقتهم ببعضهم البعض. كما أن الكاميرا تلاعبت بزوايا التصوير بدقة، مكنتنا نحن كجمهور من التواصل مع الممثلين، والتجاوب بسهولة مع  الديكور، إذ تنقلت من زوايا رأسية وخصوصا في الزنازين إلى زوايا على مستوى العين و زوايا أفقية بالنسبة للأشخاص، كما استخدمت الزاوية المنخفضة(  Low – angle shot )  في بعض الحالات، وخاصة في تصوير سيزار حتى تمنحه الهبة اللازمة المصاحبة لشخصيته القاسية والخشنة.
         ما يعاب على الفيلم في نظري تغييبه للعنصر النسوي واعتماده على بعض اللقطات المتفرقة التي انتقصت من دور المرأة بصفة عامة  إذ صورها إما مومس شقراء جلبت للسجن للترفيه الجنسي لا غير وإما امرأة خاضعة ومدجنة  لا سلطة ولا رأي لديها أمام زوجها ومن بعده صديقه  -زوجة رياض العربية - وخاصة في المشهد الأخير، أو خادمة مطيعة في بيتها كما المرأة التي نظفت ملابس مالك الملطخة بالدماء، وهي عربية أيضا...
         وفق فيلم “نبي” في خلق الاستمتاع والفرجة عبر الصورة السينمائية المشبعة بالجماليات التقنية، واللغة السينمائية السلسلة المستوعبة للجماليات الفنية المتحررة من الارتجال العشوائي. كما لعب العمل الجماعي دورا هاما في نجاح الفيلم ولا ننسى الدور الكبير لإدارة الممثل من طرف المخرج جاك أوديار، إذ أبان على علو كعبه في الاختيار والتسيير، والنتيجة تشخيص متقن لممثلين أكفاء منهم من يقف أول مرة أمام الكاميرا. وللإشارة فقد فاز الفيلم بعدة جوائز عالمية مهمة نذكر منها، جائزة لوي دولوك لأفضل فيلم فرنسي سنة 2009، الجائزة الكبرى لمهرجان كان
    السينمائي.

     

    شخصيتا مالك وسيزار في فيلم “نبي” أية علاقة؟

     

     



    السينمائي زويريق فؤاد  (مدير شبكة الفوانيس الثقافية)

     10-11-2011
    هولاندا

     

     

    Partager via Gmail

    تعليقك


    تتبع مقالات هذا القسم
    تتبع تعليقات هذا القسم