-
الأزمة المالية
بروكسيل الأدبية جريدة إلكترونية شاملة مستقلة
ميمون الغازي إبداعات الكاتب القصصية الرئيسية أنشر هنا دنيا الأدب والفن مسرح دنيا الترجمة والإبداع اجتماعيات وعلوم معرض من نحن اتصل بنا حتى البرد كان شديد القسوة ذلك الصباح الشتوي الباكر، والطيور لم تغادر الأغصان بعد أو قد تحولت بدورها الى كائن ثلجي من شدة القر.
هكذا كانت "أويوناكس" ذلك الصباح تلك القرية الكبيرة التي تشبه المدينة، مجمعات صناعية، معامل، شركات فرنسية أوروبية ومتعددة الجنسيات، مدينة البلاستيك والبرودة، كما كان يسميها.
كان يرتدي ملابس صوفية، دافنا رأسه في " شاشية" بيضاء، يبدو من بعيد كرجل الثلج بأنفه الأزرق الذي كان يجد الدم صعوبة في الوصول إلى شرايينه الرقيقة بفعل البرد الشديد، دور محرك السيارة لتسخينه ونزل ليزيل أكوام الثلج المتجمد بالزجاج الأمامي والخلفي للسيارة، تجمدت أصابعه وأحس بقهر بارد يعتليه من القدمين حتى الركبتين، وبحذر سريع وحتى لا ينزلق على الأرض الجليدية دخل السيارة والبخار يخرج من أنفه وفمه كثور هائج، فرك يداه ونفخ في قبضتيه نفسا ساخنا لتدب فيهما الحياة ،شغل الراديو ليلتقط أخبار الصباح، وتحركت السيارة وسط أكوام الثلج كعربة يجرها حمار كسول .
استرسل المذيع في حديث مطول عن الأزمة المالية التي عصفت بأمريكا وكيف أصبحت تسري في الأسواق المالية العالمية سريان النار في الهشيم مخلفة أضرارا جسيمة في الاقتصاد العالمي والبورصات العالمية . وتكهن محلل اقتصادي وقال :
ـ ستجبر الشركات وأرباب العمل إلى تسريح العمال لـتخفيف أعباء تكاليف الإنتاج، وسيضطر بعضها للرحيل إلى بلدان أفريقية وأروبا الشرقية للإستفادة من اليد العاملة الرخيصة. ..
لم يعر اهتماما لما سماه المحلل الإقتصادي" زلزالا ماليا " مستهلا حديثه بكون الخطب جلل والآتي أعظم.
وصل المعمل وكانت رغبته الوحيدة في فنجان قهوة ساخن يرتب به أفكاره ويدفئ به معدته.ارتدى بدلته الزرقاء وجلس في مركزه كما يفعل منذ عشرين سنة أمام آلة ضخمة ترمي له قطع غيار بلاستيكية يتفحصها وعندما يتأكد من جودتها يقوم بتصفيفها في صناديق بلاستيكية كبيرة ، يضل على هذا الحال أربع ساعات قبل الإستراحة، تارة يسرح بخياله ليتجول بين دروب وأزقة مسقط رأسه، هناك من وراء البحر حيث ضجيج السيارات والعربات والدراجات وزحمة الشوارع والأسواق التي تعج بالألوان الزاهية لتبدو للزائر أول وهلة ككرنفال أو موسم صيفي تزيده حرارة الشمس حرارة اللقاء بين الأهل والأصدقاء، وتارة يدندن ألحان قديمة لازالت تحيى بباطنه رغم أن كل ما حوله ساكن وبارد.
يدخل مدير المصنع كعادته من الباب الخلفي المجاور لمكاتب ادارة المصنع ليلقي بمحفظته الثقيلة في مكتبه العريض، و يمر بكل المراكز ليصافح العمال واحدا تلو الآخر بابتسامة خجولة لا تدري إن كانت نابعة من القلب أو مصطنعة بدقة فائقة. لم ينتبه والمدير يمد يده إليه ليصافحه، ارتبك بعض الشيء وكالعائد من سفر بعيد بمخيلته ابتسم هو الآخر وقال:ـ '' بونجور"
قطب المدير وجهه وفكر هنيهة تم قال :
ـ بعد أن تنتهي من استراحتك الصباحية مر بمكتبي أريدك لأمر هام.ميمون الغازي 23-04-2012 – نيس / فرنسا
sounnif@gmail.com
الرئيسية أنشر هنا دنيا الأدب والفن مسرح دنيا الترجمة والإبداع اجتماعيات وعلوم معرض من نحن اتصل بنا بروكسيل الأدبية ترحب بكل إبداعاتكم bruxellesaladabiya@gmail.com
-
تعليقات
عمل قصصي معبر وفي المستوى فمرحبا بك أخي ميمون على صفحات مجلتنا متمنين لك المزيد من الإبداع
فؤاد اليزيد السني