-
وجهك مرآتي
فؤاد اليزيد السني الرئيسية أنشر هنا دنيا الأدب والفن مسرح دنيا الترجمة والإبداع اجتماعيات وعلوم معرض من نحن اتصل بنا
فاتحة لوجهك الطاهر
هذا وجهك الطاهر قد هبط علي وحيا من السماء. ولقد كنت نائمة فيّ منذ بداية الزمن كحلم غريب، ورؤيا مستقبلية لخرافة عجيبة. وكنتِ هكذا، كثيرا ما تتجولين في بالي، وكنت أشعر بكِ حين تتفشين فيّ وتتضوعين كنسمة ريح يَمَنِيّة. وكنت أتوقع .. ولكني كنت أجهل، كيف هو يا ترى ملاك الحبّ حُبّك؟ وكيف حصل للآخرين؟ وأقصد من تغنوا بهذه الرسالة الجمالية الخالدة، أن التقوا به؟ وأين؟ وكيف؟ ومتى؟ ولماذا؟ نعم كنت أتفلسف، وأُنَظِّر، واصطنع الحِكَمَ، حتى بدوت لي ذات يوم، وحصل اللقاء صدفة، فصعقت، وبليت من رؤيتي لروحك متوشحة ببريق عينيك. وعدتِ ماشية في حال سبيلك، وعدت سائرا في حال سبيل، هي غير سبيلي. نعم وطريق هي غير طريقي. وأدركت من حينها، بأنك قد أصبحت تسكنين فيّ، وبأنك قد قررت الإقامة فيّ إلى الأبد ... عِلمًا مِنّي بِأَنك لَستِ بَشَرِيّة !
وَجْهُكِ مِرْآتي
-1-
لَمَحْتُ شُعاعَ نورْ،
مِنْ شَبَحِ روحِكِ،
فكانَتِ البِدايَة،
للِسّفَرٍ فيكِ،
ومُعْجِزَة لِلْعُبورْ
إلى جَزيرَةِ الآيَة.
-2-
في مِرْآةِ وَجْهِكَ مِثْلَما قُلْتِ،
تَجَلّتْ مَلامِحُ وَجْهي،
حُلولٌ عِشْقِيٌّ وعِرْفان،
نارٌ ورَحيقٌ ودُخّان،
في مَسْجِدِ الحُزْنِ،
تَراتيلٌ تَسامى رُقيّا.
-3-
على غُصْنِ كَآبِتِكِ،
وَقَعَ الحُبّ المُحالْ،
فَشَبَّ الخَيالُ في الحِكايَة،
وفي سَرابيل الجَمالْ،
وسُحِبْتُ مُكَبّلاً بالكَلِمات،
إلى مَجَرّاتِ الرٍّوايَة.
-4-
أَنْتِ نَخْلَةٌ مَرْيَمِيّة،
فَدَعيني بِرَبِّكِ أَتَمَسّح،
بِأَهْدابِ مُسوحِكِ شَرْقِيّا.
أَنْتِ حِجابُ المِصْباحِ البَتولْ،
كُلّما ازْدَدْتُ مِن مِحْرابِكِ شَوْقًا،
كُلّما ازْدادَ سَناكِ سَناءً عُلْوِيّا.
-5-
نَوْرَسَةُ السّماواتِ أَنْتِ،
مَمْلَكَةُ الفَضاءاتِ عَرْشُكِ،
والبِحارُ رَجْعٌ لِصَدى لَحْنِكِ،
فكَيْفَ أَسْمو إِلَيْكِ؟
ومَعارِجُ الرُّؤْيا الرّفيقَة،
قَدْ صارَتْ رَهائِنَ لَدَيْكِ !
-6-
أَوْ فَانْزِلي إلى مَرايا بِحاري،
كَيْما تُجَرِّبي الخَبايا الصُّوفِيّة !
وتَتَوَشّحي بِجَواهِرَ أَصْدافِ المُرْجان،
وتَنْطِقي بِالأَحْرُفِ النّورِيّة،
حَيْثُ البِدايَة ولا نِهايَة،
للِرّحْلَةِ .. ولا زَمَنَ لِلرّحيلْ.. !
-7-
هُوَ ذا المَدُّ الذي تَشتَهينَهْ،
فَلا حَدَّ لِهذا المَدى المُتَرَحِّلْ،
فكَيْفَ تَصَوّرْتِ بِأَنّكِ لا تُشْبهينَهْ !؟
وامْتِدادُ روحُكِ فيهِ مَنازِلْ،
لِلنّجومِ والمَجَرّاتِ والثُّرَيّا،
كَسَفَرِ الضّوْءِ انْتِشارًا تَسْبُكينَهْ.
-8-
لِماذا تَخافينَ مِن ارْتِعاشَةِ البُرَحاءْ،
وهذا المَخاضُ الكَوْنِيُّ صِياحُكْ؟
فاعْوِلي كَالأُنْثى وَوَلْوِلي بُكاءْ،
وَفيضي كَالكَوْنِ شُعاعًا تَنْثُرينَه،
وانْتَشري في رَحيقِ نَجْوى ميلادِكْ،
عُرْسًا شِعْرِيًّا وكَوْثَرًا لِلنّديمِ تَسْكُبينَهْ.
-9-
ألآنَ وقَدْ دَبّتِ الصّبابَةُ في المَفاصِلْ،
وسَرَتِ النَّجْوى هَمْساً تَسْتَعْذِبينَه،
رَقَصَتِ الأَحْلامِ في ذَهَبِ السَّنابِلْ،
وفي بَريقِ عَيْنَيْكِ مَلاكٌ عَبَرْ ... !
وحُبًّا غَريبًا تُلاعِبينَه،
كَمَوْجِ السّنابِلْ.
-10-
هُوَ ذا الوَجْهُ الطّاهِرُ وَجْهُكِ،
لَيْلَةَ الشّكِّ بَدْرًا تَجَلّى،
وتَمَشّى جَلالاً في بَيادِرِ الضّياءْ،
هَذا الوَجْهُ المَكّيُّ وَجْهُكِ،
مَنْبَعًا لِوَحْيِ الشُّعَراءْ،
وقِبْلَةً مَيْمونَةٌ لِلْمُصَلّى.
-11-
فَمِنْ أَجْلِ وَجْهِكِ طَلَّقْتُ الزّمَنْ،
وأَحْرَقْتُ جَميعَ سُفُنِ السَّفَرْ،
وعَرَّجْتُ نَحْوَ الآفاقِ المُسْتَحيلَة.
مِنْ أَجْلِ وَجْهِكِ أَصْبَحْتُ روحًا بِلا وَطَنْ،
أَتَكَلَّمُ بِلُغَةِ الجِنِّ والمَلائِكَةِ وأَغْصانِ الشَّجَرْ،
أَصْبَحْتُ لا أَعْرِفُ سِوى أَبَجَدِيّةَ إِشاراتِ السّكينَة.
-12-
فَهَلْ بَعْدَ مِرْآةِ وَجْهِكِ مِنْ دَهْرٍ أَوْ قَدَرْ،
أَوْ مَعْنى لانْزِلاقِ المَداراتِ البَعيدَة؟
وعِشْقُنا مُمْتَدٌّ إلى ما قَبْلَ ميلادِ المَطَرْ،
وتَفَسُّخِ الكَوْنِ إلى قُرى وجُزُرٍ مُسْتَديرَة.
فَهَلْ أَدْرَكْتِ الآنَ لأَيِّ حَدٍّ تُشْبِهينَه،
وأَنْتِ تَحْمِلينَهُ وَجْهُكِ الآخَرْ؟
- انتهت -
فؤاد اليزيد السني 13-01-2013 – بروكسيل - بلجيكا
sounnif@gmail.com
الرئيسية أنشر هنا دنيا الأدب والفن مسرح دنيا الترجمة والإبداع اجتماعيات وعلوم معرض من نحن اتصل بنا بروكسيل الأدبية ترحب بكل إبداعاتكم bruxellesaladabiya@gmail.com
-
تعليقات
2مريمالأربعاء 8 ماي 2013 في 19:57للشاعر الكبير ابا اليزيد قصيدتك الاخيرة قلبك مصباحي في غاية الروعة تحلق بنا الى الفضاء السماوي حيث تراتيل الملائكة للارواح النقية والطاهرة وتجمعهما رغم بعد الزمان والمكان.
إظافة تعليق
هذا الكلام الممعشق بالسحر المغربي الابيض في غاية الرقة ويجعلني اسال لاي ما ذنب تسكننا تلك الارواح المتمردة وتجعلنا نتغرب عن ليس عن لعل وعن حيص بيص