• أبو القاسم الشابي ... شاعر الحرية

    بروكسيل الأدبية جريدة إلكترونية شاملة مستقلة
    Website counter 

     

    أبو القاسم الشابي ... شاعر الحرية


     

     

    فؤاد زويريق
    مقالات الكاتب

     

     

     

     

     

    قائمة المواضيع

      قصة قصيرة
       قصة ثصيرة جدا
         شعر 
         زجل 
     نزهات شاعرية  
        فلسفة و علوم
     
       مسرح 
      معرض 
      محاولات شابة
     من وحي الثرات
      سينما
     عالم الحكاية

     مواقف سياسية
     نقد أدبي 
     الصالون الأدبي
      من الأدب العالمي
     مقالات و دراسات إبداعية 
      

     

      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
    معرض  من نحن 
      اتصل بنا 

    إرادة الألم عند أبو القاسم الشابي في الفيلم الوثائقي
    (أبو القاسم الشابي… شاعر الحب والحرية) للمخرجة التونسية هاجر بن نصر
    .

     

       إذا الشعب يوما أراد الحياة                فلا بد أن يستجيب القدر
           ولا بد لليل أن ينجلي                ولابد للقيد أن ينكسر


    صرخة رددها أحرار العالم وكلمات علقت في أذهان المؤمنين بقدرة الإنسان. صرخة أطلقها الشابي في الثلث الأول من القرن العشرين، وبها خلد في أذهان الناس واحتل مكانة في قلوب عشاق الحرية.
    بهذه المقدمة الرائعة ابتدأ الفيلم الوثائقي (أبو القاسم الشابي… شاعر الحب والحرية)، وقد نزيد عليها نحن ونقول، هي صرخة أصابت، ومازالت تصيب قلب الإنسان الحر، وتذكره بحريته وكرامته وإنسانيته...صرخة كتبت التاريخ بعيدا عن الألم، بل قد يكون ألمها هو وحيها وإلهامها... دعوة صريحة للكتابة بالذاكرة... لوحة سوريالية  تستحضر أسطورة الشعوب الحرة الأبية.
    استطاعت المخرجة التونسية هاجر بن نصر في هذا الفيلم، أن تبعث الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي من جديد، وتلتقط عبر عدستها أهم مراحل حياته صوتا وصورة. فيلم غاص في تجربة متكاملة من التوثيق التاريخي لشخصية عربية، مازال تأثيرها قائما إلى حد الآن، تجربة تقف على مستوى التحديات الإبداعية الملازمة للصورة بشقيها: الترفيهي والثقافي.أبو القاسم الشابي ... شاعر الحرية
    صور متلاحقة وأحداث سلسة وشهادات متميزة...تدفع بالمتلقي للخروج من ذاته وتقمص شخصية أبي القاسم الشابي بأحاسيسها وآلامها...لقد نجح الفيلم في مسايرة إيقاع الزمن الحاضر وإشباعه بعبق الماضي، ليعزف لنا أهازيج شعرية خالدة وألحانا متمردة على نزيف الألم.
    من خلال فيلمها هذا، أبانت المخرجة، على بعد نظرها في معالجة المأساة وإعطائها القدرة على التحول من وجه سلبي مؤلم إلى وجه آخر أكثر إضاءة، على اعتبار أنها ظاهرة حميدة لا يبلى بها إلا العباقرة فقط، وقد ركزت المشاهد المتواترة في الفيلم على هذه "التيمة" بالضبط باعتبارها عقدته الرئيسية. هي  إذا رؤية أريد بها تحفيز الآخر على عدم رفض مآسيه وآلامه، بل استغلالها من خلال ترشيدها  وتدويرها من جديد، حتى تقوى على التمرد وتكشف عن قيمها التفاعلية، بل قد تكون سببا في نجاحه وشهرته.
    إن احتفاء هاجر بن نصر بألم الشابي والتركيز المطلق عليه، لم يدفعها إلى إهمال الجوانب الفنية في الفيلم، بل أبانت المخرجة عن وعيها الإبداعي بتحقيق التوازن بين رغبتها في إشباع ذات المتلقي الراغبة في الانفتاح على عوالم الشابي ونبش جزئياتها، وبين إخضاع المكان للتشريح السينمائي باعتباره عالما من هذه  العوالم، وقد شاهدنا كيف تم تسليط الضوء عليه -أي المكان- بقوة، كجزء مهم من الشخصية سعياً وراء اقتناص اللحظة بأحاسيسها ومشاعرها وانفعالاتها المتضاربة، وهكذا نجد أن كل الأحداث المفجعة قد استأثرت بالزوايا التصويرية الضيقة للمكان، واعتمدت على الكاميرا الثابتة لنقل الصورة مع استخدام اللقطات القريبة والمتوسطة لإظهار حجم الكارثة التي ألمت بالشخصية، وذلك بالتركيز على ملامحها أولا، ثم على المحيط الضيق التي تتواجد فيه ثانيا، ولزيادة جرعة من التوصيف العام لهذه الأحداث، تم اختيار الضوء الخافت مع التلاعب بالظلال على المواقع الأكثر تأثيرا على ذهن المتلقي، بدون الخروج عن الإطار المذكور سابقا،  وهكذا عايشنا بصدق حجم الفاجعة التي ألمت بالشابي فور سماعه خبر موت أبيه، الذي يكن له حبا واحتراما كبيرين، كما أحسسنا بألم مرضه، وتعاطفنا مع محنته أثناء محاربته من طرف الكتاب وبعض النخب التونسية آنذاك، كل هذه الأحداث اعتمدت فيها  المخرجة على نفس التقنية الفنية تقريبا، مشاهد صورت من نفس الزاوية وبنفس الإضاءة والديكور و"الاكسيسوارات ..." والهدف من ذلك هو دفعنا لاستحضار وقراءة آلام أبي القاسم الشابي على أنها واحدة لا تتجزأ رغم اختلاف مسبباتها.
    تحركت الشخصية الرئيسية في الشريط، داخل إطار معين لم تحد عنه مطلقا، يؤثثه ديكور يختلف باختلاف الظروف التي تمر بها، و يعكس هذا الديكور الاحتفاء بالصور الحية للمشاعر والأحاسيس المشحونة داخل هذه الشخصية، ونعطي مثالا على ذلك من خلال المشاهد التالية ( مشهد داخلي-غرفة الشابي-، مشهد داخلي- غرفة المستشفى-، مشهد خارجي -التقاؤه بالمرأة الايطالية-، مشهد داخلي- الخزانة-...)  وقد رافق هذا الاحتفاء هيمنة الخطاب الثقافي وإعطاؤه بعدا رئيسيا ساعد على حفظ توازن العناصر داخل مشاهد الفيلم، كما استخدمت المخرجة تقنيات الفيلم الروائي حتى تعطي للصورة بناء دلاليا وبعدا تعبيريا، قد يساعد على فهم المستعصي، من الجوانب الخفية للبطل، الشيء الذي ابرز بوضوح تماسك المتن السردي داخل سيناريو الفيلم، ورصد ذلك التمازج العميق  بين الصور الشعرية والصور السينمائية على طول الأحداث.
    لا ريب، أن استيعاب التخييل والواقع معا من طرف المتلقي، يستوجب منح البناء الدرامي للأحداث قوة تَعبُر بالمُشاهد من الحاضر إلى الماضي، وتحصره بالتالي داخل النسق والتوجه المراد الوصول إليه من طرف المخرج كنتيجة طبيعية لرؤيته الفكرية قبل الفنية، وهذا ما تشبثت به المخرجة هاجر بن نصر عندما شخصت بنجاح سلوك الشابي وميوله من خلال التصوير الدرامي التخيلي بلمسات واقعية عبرت عن شخصيته الحقيقية،  وهكذا رصدنا كيف تم المزج بين التمثيل والتوثيق سواء عبر عرض وثائق وصور تاريخية،  أو الاعتماد على شهادات حية لكتاب ومفكرين وأكاديميين معاصرين لهم وضعهم وقيمتهم داخل الوسط الفكري والإبداعي العربي، وهنا نذكر كل من (محمد صلاح بن عمور، ابو الزين أسعدي، سميح القاسم، أبو القاسم محمد كرو، عبد المعطي حجازي، محمود حيدر، محمد المي، جميلة ميجري، نور الدين صمود) وهم كما نرى ثلة من خيرة النخب المثقفة وهذه نقطة إضافية تحسب للفيلم.
    إلى جانب المأساة، اهتم الفيلم كذلك بالجمال والحب عند الشابي حيث تطرق إلى الطبيعة والمرأة في شعره، وأسقطهما بإتقان على حياته الشخصية، ليرسم لنا صورة عن هذا الجانب، بعيدا عن الألم والمعاناة. وكان من الطبيعي نقل هذه الصورة السينمائية بأسلوب فني يعكس هذا التصور، فكانت المشاهد المرافقة لهذه اللحظات تستخدم الأضواء والخلفيات الدالة عن الهدوء والاسترخاء والفرح، وهي عناصر هامة تخدم الفيلم، وأهميتها تتجلى في إخراج المُشاهد من أجواء وإدخاله إلى أخرى مخالفة تماما، حتى يتماهى مع الشخصية بأفراحها وأتراحها، ويتعرف على كل جوانبها الإنسانية من ناحية، ويحارب الملل الذي قد ينجم عن التركيز على الآلام والمآسي من ناحية أخرى.
     
    وبالمناسبة نشير إلى أن الفيلم قد فاز  بالجائزة الكبرى، وبجائزة النقد للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة في دورته الثانية.

     

      04-01-2012 - هولاندا 

     

     

    أعلى الصفحة

     
    sounnif@gmail.com
    Previous Tab                     للمشاركة إضغط هنا                      Next Tab
     
      الرئيسية 
      أنشر هنا 
      دنيا الأدب والفن 
      مسرح  
     دنيا الترجمة والإبداع 
     اجتماعيات وعلوم 
    معرض  من نحن 
      اتصل بنا 

     لانا راتب المجالي

    بروكسيل الأدبية ترحب بكل إبداعاتكم

    bruxellesaladabiya@gmail.com

     

    « موجودٌ لِتَحْلُمَمنفى »
    Partager via Gmail

  • تعليقات

    لا يوجد تعليقات

    Suivre le flux RSS des commentaires


    إظافة تعليق

    الإسم / المستخدم:

    البريدالإلكتروني (اختياري)

    موقعك (اختياري)

    تعليق